وائل السوّاح – الناس نيوز
الديمقراطية بالتعريف هي حكم الشعب. وهذا يقتضي أن يكون للناس جميعا رأي في كلّ ما يمسّ حياتهم اليومية وأمور معاشهم وثقافتهم وحضارتهم. ويمارس الناس حقهم هذا من خلال ممثلين ينتخبونهم من خلال عملية نزيهة وعادلة وشفّافة. ويكون من واجب هؤلاء الممثلين (النوّاب) أن يظلوا على علاقة يومية بناخبيهم من أجل أن يكون تمثيلهم دقيقا وصائبا ومعبّرا عنهم. وفي جوهرها، تقوم الديمقراطية على مبدأ توزيع السلطة في المجتمع. ويكون المجتمع أكثر ديمقراطية كلّما كان الفرد يتمتّع بالسلطة الكافية لكي يقرّر مجرى حياته كما يراه مناسبا.
وتستند الديمقراطية، باعتبارها شكلا للحكم، على أربعة عناصر:
1- نظام سياسي لاختيار الحكومات التي تحكم في بلد من البلدان واستبدالها من خلال انتخابات حرة ونزيهة.
2- المشاركة الفعالة للناس، باعتبارهم مواطنين، في الحياة السياسية العامة.
3- حماية حقوق الإنسان لكل المواطنين.
4- سيادة القانون، التي تعني أن القانون والإجراءات القانونية تنطبق على الجميع بالتساوي، بغض النظر عن المنبت الطبقي او الانتماء الديني أو العرقي أو العائلي.
وسوف نفصّل أدناه هذه العناصر الأربعة.
أ. الديمقراطية نظام سياسي يقوم على التنافسية
الديموقراطية وسيلة للناس لكي يختاروا قادتهم من جانب ويحاسبوهم من جانب آخر على سياساتهم وسلوكهم خلال فترة مكوثهم في الحكم.
تتطلب التنافسيّة عدة شروط منها:
1- التعددية الحزبية، بحيث تشارك عدة أحزاب (لا تقلّ عن حزبين) في الانتخابات.
2- عدم وضع قيود عالية على تشكيل أحزاب جديدة.
3- فتح الإعلام أمام كافة المتنافسين بشكل عادل أو متساو بينها.
الناس هم الذين يقررون من يمثلهم في البرلمان (مجلس الشعب، الجمعية الوطنية، مجلس الأمة) ومن سوف يقود الحكومة على الصعيدين القومي والمحلي. وهم يفعلون ذلك من خلال اختيارهم بين أحزاب سياسية متنافسة في سياق انتخابات دورية وحرة ونزيهة وذات معنى. دورية، فلا يمكن لحكومة ما أن تؤجل الانتخابات لأي سبب من السباب (جرت الانتخابات البريطانية في ظل الحرب العالمية الثانية)؛ حرة، فلا تطغى في الانتخابات فئة على فئة (الجيش، المخابرات، الملك)؛ نزيهة، فلا تزوّر نتائجها؛ وذات معنى، أي لا تعرف نتيجة الانتخابات مسبقا، كما هي الحال في الانتخابات السورية تحت حكم حزب البعث.
بكلمات أخرى الحكومة تستند أساسا على موافقة المحكومين. ففي أي بلد ديمقراطي تكون الكلمة العليا للشعب – أي للمواطنين المتساوين في الحقوق والواجبات – والذين يشكلون السلطة العليا في البلد.
تنتقل السلطة من الناس إلى قادة الحكومات الذين يمتلكون هذه السلطة مؤقتاَ.
في الديمقراطية، تحتاج القوانين والسياسات العامة للبلاد إلى موافقة الأغلبية البرلمانية، ولكن حقوق الأقليات تظل مصونة بطرق شتى.
والناس أحرار بشكل كامل في انتقاد قادتهم المنتخبين ونوّابهم وفي مراقبتهم لأداء هؤلاء القادة والنوّاب. وعلى نوّاب الأمّة وقادتها على المستويين القومي والمحلي أن يصغوا لناخبيهم وأن يستجيبوا لاحتياجاتهم واقتراحاتهم.
ويتعين على الانتخابات أن تجري بشكل دوري وفي فترات متساوية. ولا يمكن لمن هم في الحكم اليوم أن يمدِّدوا فترة حكمهم من دون أن يطلبوا موافقة منتخبيهم مجددا في انتخابات جديدة.
ولكي تكون الانتخابات حرّة ونزيهة، يجب أن تتمَّ تحت إشراف هيئة مستقلّة ونزيهة وكفؤة تعامل كافة الأحزاب السياسية والمرشحين بمساواة تامة، ولا تنحاز لطرف ضدّ آخر أو مرشّح ضد مرشّح.
ويجب أن تتمتع كل القوى السياسية والمرشحّين للانتخابات بحق متساوٍ في الحملات الإعلامية من أجل أن يقدِّموا برامجهم ورؤاهم الانتخابية إلى الناخبين إما بشكل مباشر أو من خلال وسائل الإعلام.
ومن حق الناخبين أن ينتخبوا بسرّية ومن دون عنف أو قسر. ويجب تمكين المراقبين المستقلين من المجتمع المدني والهيئات المختصة بمراقبة الانتخابات من مراقبة عملية التصويت وعدّ الأصوات للتأكّد من أن العملية تتمَ بنزاهة وبعيدا عن كلّ أشكال الفساد والتهديد والتزوير.
كما ينبغي أن تكون هنالك محاكم خاصة بالانتخابات يشرف عليها القضاء الحرّ المستقل من أجل البتِّ في أي إشكال أو خلاف بين المرشحين حول نتائج الانتخابات.
ولذلك نجد أن التحضير لانتخابات نزيهة وحرة في بلد ديمقراطي يحتاج إلى وقت طويل. يمكن لأي بلد أن يجري انتخابات ما. ولكن لكي تكون هذه الانتخابات حرّة ونزيهة ثمة حاجة إلى تنظيم وتحضير وتدريب للأحزاب السياسية والمسؤولين المشرفين على الانتخابات ومنظمات المجتمع المدني التي تراقب الانتخابات.