الخرطوم وكالات – الناس نيوز ::
أظهرت صور تلفزيونية إطلاق قوات الأمن الغاز المسيل للدموع على متظاهرين مناهضين للجيش في العاصمة السودانية الخرطوم في الوقت الذي كان فيه المتظاهرون يسيرون صوب قصر الرئاسة في الجولة الثانية عشرة من الاحتجاجات الضخمة منذ انقلاب 25 أكتوبر تشرين الأول.
وقال شهود من رويترز إن خدمات الإنترنت والهاتف المحمول تعطلت على ما يبدو في العاصمة السودانية الخرطوم يوم الأحد قبل احتجاجات مزمعة مناهضة لحكم الجيش.
قال شاهد من رويترز إن جميع الجسور الواصلة مباشرة للعاصمة الخرطوم أُغلقت أيضا.
وتأتي احتجاجات يوم الأحد بعد مقتل ستة محتجين وإصابة المئات في مظاهرات مناهضة لحكم الجيش بأنحاء البلاد يوم الخميس.
وقالت لجنة أطباء السودان المركزية إن إجمالي الوفيات منذ بدء حملة قوات الأمن في أكتوبر تشرين الأول بلغ الآن 54 حالة.
وسيطر الجيش على السلطة في انقلاب يوم 25 أكتوبر تشرين الأول أنهى اتفاقا لاقتسام السلطة مع قوى سياسية مدنية. وكان من المفترض أن يمهد الاتفاق الذي أُبرم في 2019 الطريق لحكومة انتقالية وفي نهاية المطاف انتخابات بعد الإطاحة بالرئيس عمر حسن البشير.
واستمرت الاحتجاجات المناهضة للحكم العسكري حتى بعد إعادة عبد الله حمدوك لمنصب رئيس الوزراء الشهر الماضي مع احتجاجات يوم الأحد إيذانا بالجولة الثانية عشرة من المظاهرات منذ انقلاب 25 أكتوبر تشرين الأول.
ويطالب المتظاهرون بألا يكون للجيش دور في الحكومة خلال فترة انتقالية تنتهي بإجراء انتخابات حرة.
وتمكن بعض الأشخاص من نشر صور على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر احتجاجات في عدة مدن أخرى بما في ذلك الدمازين وبورتسودان.
ونقلت قناة الحدث عن مستشار للقائد العسكري عبد الفتاح البرهان قوله إن الجيش لن يسمح لأي شخص بإدخال البلاد في حالة فوضى وإن استمرار الاحتجاجات يعد استنزافا جسديا ونفسيا وعقليا للبلاد ولن يحقق حلا سياسيا.
وفي المناسبات الأخيرة التي تعطلت فيها الاتصالات قالت مصادر في شركات الاتصالات لرويترز إن السلطات طلبت من مقدمي الخدمات قطع خدماتهم. ولم يتسن على الفور الوصول إلى مسؤولين للتعليق.
وفي كلمة بمناسبة عيد استقلال السودان بثها التلفزيون يوم الجمعة قال البرهان إن الخلافات على السلطة وفقدان الأرواح تعني أن على الجميع استخدام صوت العقل.
وأضاف أن الطريقة الوحيدة للحكم هي عن طريق التفويض الشعبي من خلال الانتخابات.
واستنكر مجلس السيادة السوداني، الذي يرأسه البرهان، يوم الجمعة أعمال العنف التي شابت احتجاجات الخميس، قائلا إنه وجه السلطات باتخاذ كافة الإجراءات القانونية والعسكرية لمنع تكرار هذه الأحداث “وأن لا يفلت أي معتد من العقاب”.
وأعاد مجلس السيادة السوداني الأسبوع الماضي صلاحيات الاعتقال والاحتجاز والمصادرة لجهاز المخابرات.
وكانت السلطات السودانية أغلقت صباح الأحد الجسور التي تربط الخرطوم بضواحيها ونشرت قوات الأمن على عربات مزودة بأسلحة وقطعت الاتصالات بما في ذلك الانترنت، قبل تظاهرات “مليونية الشهداء” للمطالبة بحكم مدني وإدانة العنف الدموي في احتجاجات الأسبوع الماضي.
وأفاد صحافي وكالة فرانس برس في العاصمة بأن قوات الأمن “أغلقت الجسور التي تربط بين وسط الخرطوم وأحياء أم درمان وبحري”، مشيرا إلى أن قوات من الجيش والشرطة “انتشرت في كل الشوارع الرئيسية، بعضها على عربات عليها أسلحة رشاشة”.
ودعا تجمع المهنيين السودانيين الكيان المهني الذي لعب دورا محوريا في الانتفاضة التي أسقطت عمر البشير في نيسان/ابريل 2019، في بيان السبت إلى جعل 2022 “عاما للمقاومة المستمرة”.
وقال إنه يدعو “جماهير الشعب السوداني وجموع المهنيين السودانيين والعاملين بأجر في كل مدن وقرى السودان” إلى “الخروج والمشاركة الفعالة في المواكب المليونية يوم 2 يناير 2022، فلنجعل منه عاما للمقاومة المستمرة”.
وتزامنا مع الدعوات، قطعت خدمات الاتصالات وانترنت الهواتف الجوالة في العاصمة الأحد، حسب ما أكد صحافي وكالة فرانس برس.
كما أفادت مجموعة “نت بلوكس” التي تتعقب أعطال شبكات الانترنت في حسابها على تويتر “تم تأكيد تعطل الإنترنت عبر الهاتف المحمول في السودان منذ حوالي الساعة 10,00 بالتوقيت المحلي قبيل احتجاجات مناهضة للانقلاب في الخرطوم”.
وكان قائد الجيش عبد الفتاح البرهان عزل رئيس الوزراء وأعضاء حكومته واعتقلهم في 25 تشرين الاول/اكتوبر. لكنه أعاده إلى منصبه من دون حكومته إثر ضغوط دولية ومحلية في 21 تشرين الثاني/نوفمبر.
ووقّع الرجلان لاحقًا اتفاقا لإعادة الانتقال الديموقراطي إلى مساره وطمأنة المجتمع الدولي الذي خفّف من مساعداته بعد الانقلاب، ولم يكن الاتفاق مرضيا لجميع الأطراف في السودان، لذلك تواصلت الاحتجاجات في الشوارع.
– 53 قتيلا –
شهدت العاصمة الخميس تصاعدا في وتيرة الاحتجاجات من جهة وعنف قوات الأمن للرد من جهة أخرى، ما أسفر عن سقوط خمسة قتلى من المتظاهرين، حسب لجنة أطباء السودان المركزية المناهضة للانقلاب.
وأكدت اللجنة في بيان السبت ارتفاع عدد ضحايا الاحتجاجات “منذ انقلاب الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 إلى 53 (…) بينهم 11 شهيدا هم ضحايا الاتفاق” السياسي.
وحدادا على الضحايا الذين سقطوا الخميس، قرر رؤساء الكنائس المسيحية في السودان إلغاء الاحتفالات لمناسبة حلول العام الجديد.
واتّهمت اللجنة قوات الأمن بقطع الطريق على سيارات الإسعاف وإخراج جريح واحد بالقوة من إحداها، فيما تُظهر العديد من مقاطع الفيديو التي نُشرت الجمعة رجالًا بالزي العسكري يضربون متظاهرين بالعصي.
كذلك شهدت بعض وسائل الاعلام والعاملين بها اعتداءا من سلطات الأمن السودانية مثل قناتي “العربية” و”الشرق”، ما أثار استياء الأوروبيين ووزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن والأمم المتحدة.
من جانبها، أفادت الشرطة السودانية عن إصابة 297 شخًا “بينهم 49 شرطيا”، متهمة بعض المتظاهرين بالسعي إلى “تحويل عرض سلمي إلى اشتباكات مع القوات الأمنية”.
ويرى المتظاهرون أنه لم يعد للمبادرات السياسية أي فاعلية وعلى الجيش “العودة إلى الثكنات”، مثلما وعد في 2019 حين اطاح بالرئيس السابق عمر البشير.
من جهته، قال العميد الطاهر أبو هاجة مستشار البرهان لوكالة الأنباء الرسمية الجمعة إن “استمرار التظاهرات بطريقتها الحالية ما هو إلا إستنزاف مادي ونفسي وذهني للبلاد واهدار للطاقات والوقت”.
وأضاف أن “التظاهرات لن توصل البلاد إلى حل سياسي”