كييف – الناس نيوز ::
تبدو فكرة تسليم الغرب مليارات الدولارات من الأصول الروسية المجمّدة لأوكرانيا من أجل تمويل عملية إعادة الإعمار، بسيطة لكنها تواجه مشاكل قانونية كبيرة، ما يعني أنه لم يحرز أي تقدم يذكر في هذا الشأن.
وووفقا لفرانس برس بعد غزو الكرملين لأوكرانيا في شباط/فبراير الماضي، جمّدت مصارف ومسؤولون غربيّون بموجب عقوبات اقتصادية غير مسبوقة ضد موسكو، ما يقدر بحوالى 350 مليار دولار من أصول الدولة واحتياطات أجنبية وممتلكات أثرياء قريبين من السلطة.
وبعد 12 شهرا تقريبا، يمارس سياسيون وناشطون في الغرب ضغوطا من أجل توظيف هذه الثروة في عملية إعادة بناء البنى التحتية المدمرة والمنازل والشركات الأوكرانية التي انهارت خلال الغزو الروسي.
وقالت كريستيا فريلاند نائبة رئيس الوزراء الكندي ووزيرة المال، أمام الحضور في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس الشهر الماضي “هناك الكثير من الأضرار ويجب على الدولة التي تسببت فيها دفع” تكاليف إصلاحها.
في كانون الأول/ديسمبر، أطلقت كندا إجراءات للمرة الأولى لتسليم حوالى 26 مليون دولار تعود إلى شركة خاضعة للعقوبات يملكها رجل الأعمال رومان أبراموفيتش، في خطوة وصفها السفير الروسي بأنها “سرقة في وضح النهار”.
في وقت سابق من الشهر الجاري، تعهدت المفوضية الأوروبية “تكثيف جهودها الرامية إلى استخدام الأصول الروسية المجمدة في دعم عملية إعادة إعمار أوكرانيا”. وطالبت بولندا وثلاث من دول البلطيق بالتحرّك “في أسرع وقت ممكن”.
من جهتها، أعلنت إستونيا خططا لتكون البلد الأول في الاتحاد الأوروبي الذي يأخذ مبادرة على هذا الصعيد.
وقال المستثمر الأميركي السابق والناشط ضد الكرملين بيل براودر في مقابلة مع وكالة فرانس برس أخيرا أن الرئيس الروسي فلاديمير “بوتين هو من أفسد الوضع وهو من عليه إصلاحه”.
ويسعى براودر الذي يقف وراء قانون مانييتسكي، التشريع الرائد لمعاقبة المسؤولين الروس المتورطين في انتهاكات حقوق الإنسان، إلى الضغط على المشرعين. وقال “هناك خمسون اقتراحا لطريقة القيام بذلك”.
وأضاف “إذا كنتم تريدون التأكد من عدم إنجاز أمر ما، قدّموا خمسين اقتراحا مختلفا”.
وعقد الكونغرس الأميركي جلسات حول الطرق التي يمكن من خلالها تغيير القانون الأميركي ليصبح بالإمكان مصادرة الأصول بشكل دائم، على الرغم من أن إدارة الرئيس جو بايدن أعربت علنا عن تحفظها على هذه الفكرة.
– عائدات من نشاطات إجرامية؟ –
يميّز الخبراء في القانون بين الأصول الخاصة التي جمّدتها حكومات غربية، مثل يخت أحد الأثرياء وممتلكات الدولة مثل احتياطات العملات الأجنبية للبنك المركزي الروسي.
في حالة الأصول الخاصة، تعني الضمانات القانونية أنه لا يسمح للدول الغربية بمصادرتها بشكل دائم إلا في ظروف محدودة جدا، في معظم الأحيان عندما يمكن إثبات أنها عائدات من نشاطات إجرامية.
وقال أنتون مويسيينكو من جامعة أستراليا الوطنية لوكالة فرانس برس إن الأثرياء الروس القريبين من السلطة ينشطون في أعمال مريبة “لكننا لا نعلم فعلا أن الممتلكات التي جمّدت هي عائدات نشاطات إجرامية”.
ويشكّل وضع اليد عليها تحديا للحقوق القانونية وحقوق الإنسان الأساسية مثل الحق في الملكية والحماية من العقاب التعسفي والحق في محاكمة حرة.
كذلك، سيكون التزام الغرب العلني احترام سيادة القانون على المحك أيضا.
وأوضح مويسيينكو “كيف تثبتون أنها (الأصول المصادرة) جاءت من عائدات نشاطات إجرامية من دون تعاون روسيا؟”.
وهناك مشاكل أخرى مرتبطة باتفاقيات استثمار ثنائية أو دولية موقعة مع روسيا، وهو أمر قد يعرّض الدول المعنية لمطالبات قانونية في محاكم دولية.
وكندا هي الدولة الوحيدة حتى الآن التي اتخذت ما سمّاه مويسيينكو “نهجا متشددا فريدا”.
وأضاف “سيكون من المثير للاهتمام مشاهدة كيف ستجري الأمور في المحكمة”.
– حصانة –
من جهة أخرى، تطرح أصول الدولة مثل احتياطات البنك المركزي مشاكل مختلفة لكنها شائكة أيضا لأنها مغطاة بما يسمى “الحصانة السيادية” وهو تفاهم يقضي بألا تستولي دولة على ممتلكات دولة أخرى.
ويُعتقد أن مصارف مركزية غربية مثل الاحتياطي الفدرالي والبنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان جمّدت احتياطات تبلغ قيمتها حوالى 300 مليار دولار تحتفظ بها روسيا لدى هذه المؤسسات.
وكتب بول ب. ستيفن في مجلة “كابيتال ماركتس لو جورنال” في حزيران/يونيو الماضي في مراجعة للتشريع القائم “القانون الدولي العرفي لحصانة الدول يحمي عموما أصول دولة ما من المصادرة”.
وأضاف أن “الاستثناءات موجودة لكن نطاقها غير واضح”.
ويدور نقاش حيوي بين خبراء قانونيين منذ الغزو الروسي حول الظروف التي يمكن الدول الغربية بموجبها “منح” أصول مثل احتياطات البنك المركزي.
وأشار البعض إلى القانون الدولي للتدابير المضادة الذي ينص على أنه يمكن لدولة ما أن تفرض على دولة أخرى دفع تكاليف عندما تتصرف خارج حدود القانون الدولي.لكن هذه “التدابير المضادة” كما تسمى وضعت لتكون قابلة للعكس.