أبوظبي وكالات – الناس نيوز ::
دعت منظمة التجارة العالمية الاثنين في اليوم الأول من مؤتمرها الوزاري المنعقد في أبوظبي إلى “إصلاح” النظام التجاري العالمي، محذّرةً من أن التوترات الجيوسياسية والاقتصادية تهدد التجارة العالمية والنظام التجاري المتعدد الأطراف.
وتأمل منظمة التجارة في تحقيق نتائج، خصوصًا بشأن الصيد والزراعة والتجارة الإلكترونية، خلال مؤتمرها الثالث العشر الذي يستمرّ حتى الخميس، وهو الأول للمنظمة الأممية منذ عامين.
لكنّ من غير المرجّح التوصل إلى اتفاقات كبيرة إذ إن المصادقة على اتفاق ما تتطلب إجماع الدول الأعضاء الـ164 في المنظمة.
وفي مستهلّ المؤتمر، قالت المديرة العامة للمنظمة النيجيرية نغوزي أوكونجو-إيوالا إن في مواجهة تعدّدية “مستهدفة من كافة الجهات”، ينبغي على المجتمع الدولي أن ينخرط في “تعاون” أكبر و”إصلاح النظام التجاري العالمي”.
ورأت أن “انعدام اليقين وانعدام الأمن مستشريان” مضيفةً أن العالم اليوم “مكان أصعب” للعيش فيه مقارنة بما كان عليه الوضع قبل عامين في آخر مرة التقى فيها وزراء تجارة الدول الأعضاء في منظمة التجارة العالمية.
ولم تسمِ أوكونجو-إيوالا الدول باسمها لكنّ التوترات تصاعدت بين الغرب من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى في السنوات الأخيرة.
وما فاقم الوضع الهجمات التي ينفّذها المتمردون الحوثيون في اليمن على سفن تجارية في البحر الأحمر وبحر العرب يقولون إنها مرتبطة بإسرائيل أو متّجهة إليها، في ما يعتبرونه تضامنًا مع قطاع غزة الذي يشهد حربًا بين حركة حماس وإسرائيل منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر.
ويستهدف الحوثيون أيضًا السفن الأميركية والبريطانية منذ أن بدأت واشنطن ولندن شنّ ضربات مشتركة على مواقع لهم داخل اليمن في 12 كانون الثاني/يناير.
وكرّرت تحذيرات أطلقتها الشهر الماضي، من ظهور مؤشرات على “تشرذم” في الاقتصاد العالمي الذي تهدّده التوترات الجيوسياسية مشيرةً إلى أنها ترجّح أن يكون حجم التجارة العالمية لعام 2023 أقلّ من توقّعات المنظمة التي أُعلنت في تشرين الأول/أكتوبر الماضي.
وتوقّعت أيضًا ألا يبلغ حجم التجارة العالمية هذا العام توقعات المنظمة للنمو.
وقالت أوكونجو-إيوالا “إذا حصل تشرذم (للاقتصاد) فسيكون ذلك مكلفاً للغاية بالنسبة للعالم، سواء البلدان المتقدمة أم تلك النامية” مضيفةً أن “التعاون والتجارة أمران حيويّان.
وإذا لم يكن لدينا ذلك، فسيكون من الصعب للغاية التكيّف بالنسبة لأجزاء من العالم”.
“منصة انطلاق الإصلاح”
وفي السياق نفسه، دعا وزير الدولة الإماراتي للتجارة الخارجية ثاني الزيودي مطلقًا مراسم الافتتاح، إلى أن يكون هذا المؤتمر “منصة انطلاق… لإصلاح منظمة التجارة العالمية”.
ورأى المفوض الأوروبي للتجارة فالديس دومبروفسكيس أن “العالم تغيّر ويجب على مؤسسات مثل منظمة التجارة العالمية أن تتطوّر هي أيضًا. لكن ذلك لا يعني أن منظمة التجارة العالمية عفا عليها الزمن.
إنما على العكس، فإن هذا هو بالضبط السبب الذي يجعلنا نمضي قدمًا في الإصلاح الأساسي للمنظمة”.
عام 2022، قررت الدول الأعضاء في المنظمة بدء محادثات لإصلاح المنظمة، بهدف تحسين كفاءتها ولكن أيضًا لإعادة تشغيل نظام حل النزاعات التجارية قبل نهاية عام 2024.
فمنذ نهاية عام 2019، شُلّ عمل محكمة الاستئناف التابعة للمنظمة بسبب رفض الولايات المتحدة تسمية قضاة جدد فيها، في إجراء بدأ في عهد الرئيس باراك أوباما وتواصل في عهد الرئيسين دونالد ترامب وجو بايدن.
إلا أنّ أوكونجو-إيوالا أشارت خلال مؤتمر صحافي، إلى أنّ التزام إدارة بايدن في المنظمة كان “بناءً”، نافيةً مزاعم بوجود فراغ في القيادة الأميركية.
خريطة طريق؟
في ما يخصّ الإصلاح، هناك مشروع نصّ مطروح على الطاولة لكن في الوقت الحالي لم يتم تضمين مسألة مرحلة الاستئناف، ما يتسبب بنفاد صبر بعض الدول.
وقال وزير التجارة الصيني وانغ وينتاو إن منظمة التجارة العالمية “يجب أن تعيد تشغيل نظام تسوية النزاعات (التجارية) بشكل كامل من أجل الحفاظ على حق الأعضاء في الدفاع عن مصالحهم الخاصة”.
وهناك حاليًا أكثر من ثلاثين نزاعًا تجاريًا يُنتظر البتّ بها.
وتأمل بعض الدول في أن تتمكن أبوظبي من طرح خريطة طريق للإصلاح على الأقلّ.
ويعتبر هذا المؤتمر الوزاري آخر فرصة لتحقيق تقدم في المفاوضات بهذا الصدد قبل الانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني/نوفمبر والتي من المحتمل أن يفوز فيها دونالد ترامب.
وكان ترامب أطلق خلال ولايته الرئاسية بين 2017 و2021، حربًا تجارية مع الصين، وشلّ قدرة المنظمة على البتّ في الخلافات التجارية وهدد بإخراج بلاده منها.
وأكدت مندوبة التجارة الأميركية كاثرين تاي الاثنين أن “الإصلاح مدرج صراحةً على جدول أعمال هذا الأسبوع”. وقالت في بيان إن ذلك يشمل “إصلاح تسوية النزاعات، إذ ليس الهدف مجرد العودة إلى ما كانت عليه الوضع من قبل، بل توفير الثقة في أن النظام عادل”.
لكن الأستاذ في كلية الاقتصاد وإدارة الأعمال في جامعة جنيف مارسيلو أولارياغا حذر من أنه “لا يمكن توقع تنازلات هائلة” من إدارة بايدن خلال سنة انتخابية.