أستوكهولم – طوكيو وكالات – الناس نيوز ::
منحت جائزة نوبل للسلام الجمعة لمنظمة “نيهون هيدانكيو” اليابانية المناهضة للأسلحة النووية والتي تجمع ناجين من القصف الذري على هيروشيما وناغازاكي عام 1945، في وقت تهدد دول بكسر هذا المحظور.
وقال رئيس لجنة نوبل النروجية يورغن واتني فريدنيس لدى إعلانه اسم الفائز، إن اللجنة اختارت تكريم المنظمة “لجهودها المبذولة من أجل عالم خالٍ من الأسلحة النووية ولإثباتها، عبر شهادات، أن الأسلحة النووية يجب ألا تستخدم مجددا بتاتا”.
وأشار إلى أن “جائزة هذا العام تركز على ضرورة الحفاظ على هذه المحظورات النووية. نتحمل جميعا مسؤولية، خصوصا الدول المسلّحة نوويا”.
ويأتي هذا الاختيار فيما أثارت موسكو التهديد النووي مرارا في مسعاها لدفع الدول الغربية إلى وقف تسليم مساعدات عسكرية لأوكرانيا التي تواجه الغزو الروسي منذ شباط/فبراير 2022.
وبالنسبة إلى الغربيين، يأتي التهديد أيضا من كوريا الشمالية التي تزيد من عمليات إطلاق الصواريخ البالستية، ومن إيران التي يشتبه في أنها تريد امتلاك “القنبلة النووية”، الامر الذي تنفيه طهران.
الشهر الماضي، أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن روسيا قد تستخدم الأسلحة النووية في حال “إطلاق كثيف” لطائرات أو صواريخ أو طائرات مسيّرة على أراضيها.
وحذّر فريدنيس من أن “حربا نووية يمكن أن تدمر حضارتنا”.
وقال لوكالة فرانس برس إن هذه الجائزة هي “صرخة تحذيرية للعالم، لكنها أيضا اعتراف بالطريقة التي يمكن من خلالها الأفراد أن ينهضوا ويعطوا الأمل برواية قصتهم”.
يحيي العالم العام المقبل الذكرى السنوية الثمانين لأول هجومين نوويين في التاريخ، أسفرا عن مقتل حوالى 214 ألف شخص وأديا إلى استسلام اليابان وانتهاء الحرب العالمية الثانية.
وتجمع منظمة “نيهون هيدانكيو” التي أسِّست عام 1956، الناجين من القنبلتين والذين تعرضوا للإشعاع ويتضاءل عددهم مع مرور الوقت.
وبكى توشيوكي ميماكي، الرئيس المشارك للمنظمة، خلال مؤتمر صحافي بعد إعلان الجائزة وقال “لم أحلم أبدا بأن هذا يمكن أن يحدث”.
وأضاف “يقال إنه بفضل الأسلحة النووية يحافظ العالم على السلام. لكن الأسلحة النووية يمكن أن يستخدمها الإرهابيون”.
وشبّهت المنظمة الوضع في قطاع غزة بالوضع في اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية. وقال ميماكي “في غزة أهل يحملون أطفالهم المضرجين بالدماء. الأمر يشبه اليابان قبل 80 عاما”.
وأضاف “الأطفال في اليابان (هيروشيما وناغازاكي) فقدوا آباءهم في الحرب وأمهاتهم في القنبلة الذرية. أصبحوا أيتاما”.
– “شر مطلق” –
بدوره، وصف رئيس بلدية هيروشيما كازومي ماتسوي الأسلحة النووية بأنها “شر مطلق”.
وأضاف “يجب على الأجيال المقبلة أن تعلم أن ما حدث ليس مجرد مأساة لهيروشيما وناغازاكي، بل هي مأساة تهم البشرية جمعاء وينبغي ألا تتكرر”.
ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قادة العالم الجمعة إلى التخلص من كل الأسلحة النووية التي وصفها بـ”أجهزة الموت” وأضاف “الناجون من القنبلتين الذريتين في هيروشيما وناغازاكي (…) هم شهود على الكلفة البشرية المروعة للأسلحة النووية”.
من جهتها، رحّبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين الجمعة بمنح جائزة نوبل للسلام للمنظمة اليابانية قائلة إن ذلك يبعث “برسالة قوية”، فيما أشاد رئيس الوزراء الياباني شيغيرو إيشيبا أيضا بمنح الجائزة ل”نيهون هيدانكيو” قائلا إن القرار “يحمل معنى بالغ الأهمية”.
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إنها “أنباء جيدة فعلا خصوصا في هذه الأوقات القاسية مع تهديد قوى عدوانية باستخدام الأسلحة النووية”.
وقالت العضو في المنظمة سيتسوكو ثورلو التي كانت تبلغ 13 عاما وموجودة على مسافة أقل من كيلومترين من نقطة ارتطام القنبلة في هيروشيما، إنها شاهدت “وميضا من الضوء” عندما أسقطت الولايات المتحدة قنبلة “ليتل بوي” في 6 آب/أغسطس 1945.
أدلت ثورلو بتصريحات لوكالة فرانس برس قبل بضع سنوات وصفت فيها ما حدث بأنه “جحيم على الأرض”، متحدثة عن أطراف ممزقة وعيون خرجت من محجرها وأمعاء بارزة من فجوة البطن.
– تحديث الترسانات –
تملك حاليا تسع دول السلاح النووي، هي الولايات المتحدة وروسيا وفرنسا وبريطانيا والصين والهند وباكستان وكوريا الشمالية وعلى الأرجح إسرائيل، وهي قائمة يرجح أن تتسع بدل أن تتقلص.
مع تزايد التوترات الجيوسياسية في العالم، تعمل الدول المسلّحة نوويا على تحديث ترساناتها، وفق ما قال باحثون في معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (سيبري) في حزيران/يونيو.
وفي شباط/فبراير 2023، أعلنت روسيا تعليق مشاركتها في معاهدة “نيو ستارت”، وهي أحدث معاهدة للحد من القدرات النووية الاستراتيجية لروسيا والولايات المتحدة.
واعتبارا من كانون الثاني/يناير، كان هناك حوالى 9585 رأسا نوويا متاحا للاستخدام المحتمل، من بين 12121 رأسا نوويا في كل أنحاء العالم، وفق الباحثين.
وقال مدير “سيبري” دان سميث إنه رغم أن “العدد الإجمالي للرؤوس الحربية النووية آخذ في الانخفاض مع التفكيك التدريجي لأسلحة حقبة الحرب الباردة”، تتم ملاحظة زيادة في “عدد الرؤوس الحربية النووية العاملة” من سنة إلى أخرى.
في الماضي، كافأت جائزة نوبل للسلام مرارا جهودا مبذولة لحظر أسلحة الدمار الشامل هذه.
ومنحت عام 1975 للمنشق السوفياتي عالم الفيزياء النووية أندري ساخاروف، وعام 1985 للرابطة الدولية للأطباء لمنع الحرب النووية، وعام 1995 للفيزيائي جوزف روتبلات وحركة الباغواش، وعام 2005 للوكالة الدولية للطاقة الذرية ومديرها محمد البرادعي، وعام 2017 للحملة الدولية للقضاء على الأسلحة النووية (ايكان).
وقال المسؤول في “ايكان” دانيال هوغستا في رسالة إلكترونية لوكالة فرانس برس إن هذه الجائزة تأتي “في لحظة حاسمة أصبح فيها خطر استخدام الأسلحة النووية مرتفعا إن لم يكن أعلى مما كان عليه في أي وقت”.
وستقدّم جائزة نوبل التي تشمل شهادة وميدالية ذهبية وشيكا بقيمة 11 مليون كرونة سويدية (حوالى 970 ألف يورو)، رسميا في 10 كانون الأول/ديسمبر في مدينة أوسلو.