مسقط – الناس نيوز ::
بعد عشرة أيام حافلة بالثقافة والفن والمسرح عاشتها سلطنة عمان وتحديدا مدينة مسقط، أسدل مهرجان الدن الدولي المسرحي الستار على دورته الرابعة بتتويج العرض المسرحي العراقي “خلاف” بجائزة العرض المتكامل، بينما نال العرض الكويتي “الأرانب” جائزة أحسن عرض متكامل عن فئة مسرح الأطفال.
مرت عشرة أيام سريعة جدا ومليئة بالنشاطات الثقافية والمسرحية والورش وحتى الندوات الخاصة والتطبيقية، لكن رغم ذلك لم تمر الأحداث التي تعصف بأهلنا في غزة بتلك السلاسة ولا حتى مرور الكرام، ففلسطين وقلبها النابض غزة كانت محور المهرجان سواء في التحية لها أو الحديث عنها.
واختارت إدارة المهرجان أن تلغي أيضا المراسم الاحتفالية لحفل الختام كما فعلت سابقا مع حفل الافتتاح، وأن يقتصر الحفل على توزيع الجوائز فقط، كل ذلك بحضور الرئيسة الفخرية لجمعية الدن للثقافة والفن الدكتورة تغريد بن تركي آل سعيد، التي قامت برفقة إدارة مسرح الدن بتكريم كل فريق المهرجان سواء الأعضاء منهم في فرقة الدن أو المتطوعون للعمل معهم أثناء المهرجان بالصعود عللا الخشبة ليحييهم الجمهور.
تميزت دورة هذا العام بوجود ثلاثة مسابقات دولية، الأولى مسابقة مسرح الكبار وشاركت فيها ثمانية عروض من كل من مصر وسوريا والعراق وإسبانيا وإيران والكويت إلى جانب طبعا سلطنة عمان، والحقيقة أن بعضا من تلك العروض كانت متقاربه جدا من حيث المستوى الفني، سواء على صعيد النص أو التمثيل أو الإخراج والسينوغرافيا.
وشارك في لجنة التحكيم الفنانة الأردنية عبير عيسى إلى جانب الفنان السعودي سامي الزهراني والفنان الروسي فلاديمير ستيبانفيج، بينما رأستها الأكاديمية نوال بنبراهيم من المغرب، وشارك فيها الفنان العماني محمد خلفان عضوا ومقررا، وأسندت اللجنة مسرحية “خلاف” من العراق للمخرج مهند هادي جائزة العرض المتكامل بالإضافة إلى مكافأة مالية بينما حصل العرض السوري “نقيق” على ثلاثة جوائز، جائزة أفضل نص مسرحي للكاتبة روعه سنبل وجائزة أفضل ممثلة دور ثان للفنانة ندى عبدالله بينما حصل وليد الدبس على جائزة أفضل ممثل دور أول مناصفة مع بطل مسرحية “خلاف” الفنان الأكاديمي هيثم عبدالرزاق، وحصلت بطلة العرض سهى سالم على جائزة أحسن ممثلة.
أعمال للكبار والصغار
ونال العرض الكويتي “الساعة التاسعة” جائزة أفضل ديكور مسرحي للفنانة ساره العبدالله، بينما حصل العرض المصري “ليلة القتلة” على جائزتي الأزياء والمكياج ومنحت للفنان إسلام عباس. أما المسابقة الثانية المخصصة لعروض الأطفال والتي رصدت لها مكافئة مالية أكبر من مسابقة مسرح الكبار، فقد ضمت ستة عروض مسرحية فقط بعد أن تغيب العرض التونسي “غابة الأحلام” عن الحضور، بينما شاركت كل من إيران والكويت وكازاخستان والأردن بعروضها إلى جانب عرضين من سلطنة عمان، وتوج العرض الكويتي “الأرانب” بجائزة أفضل عرض المتكامل، كما حصل نفس العرض على عدة جوائز من بينها جائزة أفضل إخراج وأفضل إضاءة وأفضل ديكور.
تم حصول #رهف_محمد على جائزة أفضل ممثلة
دور أول ضمن مشاركة مهرجان الدن الدولي ???? pic.twitter.com/zV59PmiEk4— ???????????????????????????????? ???????????????????? (@gorgeousrahaf) October 31, 2023
أما بقية التتويجات فقد حصلت مسرحية “براهين” للمخرج الإيراني ناصر المياحي على عدة جوائز من أهمها جائزة أفضل ممثلة طفلة علينا هرمزي، وجائزة أفضل مكياج مسرحي وجائزة أفضل ممثل دور ثان، وحصل العرض العماني “أصابع جميل” على جائزتين، الأولى أفضل نص مسرحي للكاتب أسعد السيابي، والثانية جائزة أفضل ممثل طفل لراشد الهنائي، وحصل العرض الأردني “الأمنيات الذهبية” على جائزة أفضل ممثلة دور ثان. وتكونت لجنة التحكيم من كل من الفنان عماد جلول من سوريا والفنانة كال سميث من بريطانيا إلى جانب العمانيين، الطفل الموهوب عز محمد خلفان، ومحمد سعيد الرواحي عضوا ومقررا، بينما رأس تحكيمها الفنان شبير العجمي.
وأما بالنسبة إلى عروض مسرح الشارع والتي كانت في معظمها مبرمجة من سلطنة عمان باستثناء عرضين أحدهما من الإمارات بعنوان “محطة انتظار”، والآخر من العراق بعنوان “مواطن vip”، بدت كلها وكأنها عروض مقدمة في الشارع وليست عروضا لمسرح الشارع بالمعنى الأكاديمي لتلك العروض، فعروض مسرح الشارع التي تختار الساحات والشوارع والأماكن العامة لتقديم عروضها عليها مهمة جديدة بعيدة عن المسرح كفن بحد ذاته، ألا وهي طرح مواضيع هامة وآنية تشغل المجتمع، في محاولة منها لإدماج الجمهور في العرض من خلال إحداث نوع من التفاعل الثنائي بين القائم بالاتصال (الممثلين) والمتلقي (الجمهور).
الحقيقة أن أغلب العروض التي قدمت كانت تطرح مواضيع هامة وهموما يتشارك بها معظم الحاضرين، لكنها قدمت على استحياء ولم تتوجه للجمهور، فبقيت حبيسة العلبة الإيطالية التي اختارت إطارها بشكل وهمي، لذلك قد يصح القول عن تلك العروض إنها عروض فنية لا تختلف عن العروض الفنية التي تقدم في الشارع فتقترب إلى الجمهور لمشاهدتها، كعروض المهرجين والعازفين وحتى الراقصين.
وعلينا الإقرار أن مسرح الشارع بمعناه الحرفي وبهدفه السامي لا يمكن أن يقدم في بلادنا العربية في ظل الرقابة الشديدة التي تمنع الارتجال وتخشاه، رغم ذلك أقيمت له مسابقة برئاسة بشار عليوي الأكاديمي الأكثر معرفة بتلك العروض وخاصة أنه سبق ونشر كتابا حول ذلك المسرح بعنوان “مسرح الشارع دراسة ونصوص”، إلى جانب كل من الأكاديمية عزة القصابية والفنان عمير أنور من سلطنة عمان والفنان فالح فايز من قطر والفنان عادل شمس من البحرين.
تميز العروض
منحت جائزة العرض المتكامل لمسرحية “المنطقة” لفرقة مسرح الدن، وحصل عرض “مواطن vip” على عدة جوائز منها جائزة أفضل ممثل رئيسي أول للفنان حسين مالتوس وجائزة أفضل مؤثرات صوتية وجائزة أفضل إخراج مسرحي، وحصل الممثل عبدالله محمد صالح على جائزة أفضل ممثل رئيسي ثان عن عرض “محطة القطار”، وحصلت أورى السنيدية على جائزة أفضل ممثلة دور ثان عن عرض “التائهون” العماني وحصل نفس العرض على جائزة الأزياء والاكسسوار . هكذا وكعادة أيّ مهرجان مسرحي تتفاوت العروض في مستوياتها على صعيد الأداء والنص والإخراج والسينوغرافيا على وجه الخصوص.
وتلعب الأزمة المالية أحيانا وعدم توفر الإمكانيات اللازمة دورا هاما في إحداث خلل في عرض ما، الأمر الذي يحدث صعوبة في توصيل فكرة المخرج وتجسديها على الخشبة، لكن الابتكار والإبداع قادران على إيجاد الحلول واختراع البدائل ليظهر العرض المسرح بأبهى صوره، وهو ما ميّز عروض هذه الدورة في ما لو استثنيا العروض القادمة من دولة الكويت والتي تشير إلى نفسها وتأخذ مكانا منفردا ومتفردا على اعتبارها عروضا توفرت لها كل الإمكانيات سواء على صعيد الممثلين أو على صعيد الديكور أو حتى على صعيد الموسيقى والاستعراض، بينما اكتفت العروض الأخرى بالإمكانيات المحدودة التي أتيحت لها.
يبقى لنا أن نقول إن مهرجان الدن الأهلي المستقل الذي يرأسه الفنان العماني محمد سالم النبهاني ويديره إدريس بن خميس النبهاني استطاع أن يجذب أنظار العالم إليه، وأن يضع نفسه على خارطة المهرجانات العربية الكبرى من حيث التنظيم والمصداقية والثقة رغم درواته الأربع فقط.

