برلين من مختار الإبراهيم – الناس نيوز :
تحل الذكرى السنوية الخامسة على موافقة الحكومة الألمانية فتح أبواب بلادها لاستقبال عشرات الآلاف من المهاجرين واللاجئين، ورغم أن دول الاتحاد الأوروبي التي دخلوها أول مرة هي المسؤولة عن دراسة طلبات لجوئهم، إلا أن الحكومة الألمانية سمحت لهم بالدخول مع تأجيل دراسة طلبات لجوئهم إلى وقت لاحق.
وضمن فعاليات مؤتمرها الصحفي الصيفي السنوي في برلين قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، يوم الجمعة: “إنها ستفعل الشيء نفسه مرة أخرى في ظروف مماثلة”. جواب المستشارة جاء رداً على سؤال حول ما إذا كانت تأسف لسياستها لعام 2015 لإبقاء الحدود مفتوحة أمام تدفق طالبي اللجوء، حيث أكدت: “سأتخذ نفس القرارات بشكل أساسي”.
وشددت المستشارة الألمانية على أنه “عندما يقف الناس على الحدود الألمانية النمساوية أو الحدود المجرية النمساوية، يجب معاملتهم كبشر”. وحينها قدم أكثر من مليون شخص طلبات لجوء في ألمانيا بين 2015-2016 خلال لحظة تاريخية في فترة رئاسة ميركل التي أمضت حتى اليوم نحو 15 عاماً برئاسة الحكومة الألمانية.
وأدى التدفق الكبير لأعداد المهاجرين إلى استقطاب حاد بين الأحزاب السياسية في ألمانيا، وغذى صعود حزب البديل اليميني المتطرف، مما أضعف مكانة ميركل في الداخل.
لكن مع اقتراب الزعيمة المخضرمة، 66 عاماً، من نهاية ولايتها الرابعة، فإن تعاملها مع جائحة فيروس كورونا منحها شعبية غير متوقعة.
وفي استطلاع حديث أجرته مؤسسة Infratest Dimap ، قال 71٪ من المستطلعة آراؤهم إنهم راضون جداً أو راضون عن أداء ميركل، في الجهة المقابلة، شهد حزب البديل من أجل ألمانيا انخفاضاً في تصنيفاته أثناء الوباء.
وفي هذا الصدد قال هانز فورلاندر، أستاذ السياسة في جامعة TU Dresden: “إنه لأمر مدهش أن نرى مدى السرعة التي يمكن أن تتغير بها الأشياء، وكقاعدة عامة، تكون الأزمات دائماً لحظة نجاح أو سقوط للمسؤولين”.
وأضاف فولاندر في حديثه لموقع “لوكال” الألماني، أنه لاحظ أن الناخبين انبهروا بـ “العقلانية والهدوء والثقة بالنفس” لميركل خلال إدارة أزمةكورونا. وأكد فولاندر أن مناشدة المستشارة للجمهور الألماني للمساعدة في مكافحة الفيروس لاقت استحساناً لأنها “لم تكن تستعرض للقوة بقدر ما كانت مليئة بالتعاطف”.
بالعودة إلى ذروة أزمة المهاجرين في عام 2015، بدا أن ميركل في البداية لديها رصيد قوي من الرأي العام يساندها في قراراتها، حيث بدت المستشارة وهي تلتقط صور سيلفي مبتسمة مع الوافدين الجدد،وتبتسم مع تكرار عبارتها التاريخية “wir schaffen das” والتي تعني “يمكننا فعل ذلك” أو “سننجح في المهمة”.
لكن الجدل الدائر حول الهجرة أصبح مثيراً للانقسام بشدة، وأدى إلى تآكل ثقة الجمهور في ميركل بل وأدى إلى حصول حزب يميني متطرف -حزب البديل من أجل ألمانيا المناهض للهجرة- على حضور حقيقي في البرلمان لأول مرة منذ النظام النازي.
كان أداء بعض القطاعات الحكومية “مرتبكاً” وتم إلقاء اللوم على المستشارة في الوضع “الفوضوي” ، حتى داخل صفوف فريقها، واعترف توماس دي ميزير، وزير الداخلية آنذاك، مؤخراً بأنه كان هناك “فقدان للسيطرة” في بعض الأحيان.
ثم جاءت العناوين المدمرة في ليلة رأس السنة 2015، حيث تم ارتكاب اعتداءات جنسية جماعية ضد فتيات في مقاطعة كولونيا، معظم مرتكبيها من مهاجرين من أصول شمال أفريقية.
الآن وبعد مرور خمس سنوات على تدفق اللاجئين، أصبحت ألمانيا “أكثر تنوعا، وأكثر حيوية، وشبابا” ، وفقا لجمعية المهاجرين Pro Asyl، وحسب آخر إحصاء، فإن حوالي نصف المهاجرين الذين وصلوا إلى ألمانيا خلال الأزمة يعملون الآن , وهو رقم اعتبره معهد أبحاث التوظيف (IAB) بمثابة قصة نجاح.
وختمت ميركل كلامها يوم الجمعة بالإشارة إلى النجاح في دمج اللاجئين في سوق العمل والمجتمع الألماني، وقالت: “مع ذلك، سيظل الموضوع مصدر قلق لنا وسيظل كذلك في السنوات المقبلة، موضوع الهجرة لم ينته بعد، سيكون موضوعاً ثابتاً للقرن الحادي والعشرين”.
وصل صدى جملة ميركل الشهيرة ” wir schaffen das ” إلى الكثيرين وجلب اعترافا كبيرا لألمانيا من الخارج. وكتبت صحيفة “نيويورك تايمز” أن ألمانيا “مدت يدا مفتوحة” للاجئين، أما قناة الجزيرة فقالت” “إن ألمانيا فتحت أبوابها وحدودها أمام كل من يبحث عن اللجوء والملاذ الآمن”.