واشنطن – الناس نيوز ::
بينما تهيمن أخبار الغارات الجوية الإسرائيلية المنتظمة ضد أهدف للنظام وإيران في سوريا على العناوين الإخبارية، لا تزال إسرائيل تحت السطح تركز على تداعيات استعادة دمشق موطئ قدمها الإقليمي، وإن كان ذلك في حالة تضاءل إلى حد ما.
لا تشكل ” سوريا الأسد ” ، أي تهديد عسكري لإسرائيل، لكن قدرتها على الإبحار في المتاهة البيزنطية لسياسة بلاد الشام – التي تظل عاملاً ذا صلة في لبنان وفلسطين وتركيا – تجعل الأمر أكثر أهمية لإسرائيل من معظم البلدان العربية الأخرى.
“قبل بداية الربيع العربي في عام 2011 مباشرة، كان السلام بين إسرائيل وسوريا يلوح في الأفق، حيث يعمل الدبلوماسيون الأميركيون والأتراك بجد بحثًا عن التقارب” هذا فحوى حديث المبعوث الأميركي السابق إلى سوريا فريدريك هوف لبرنامج الذاكرة السورية.
ولفت هوف إلى أن تجربته في العيش في سوريا عندما كان شابًا غيرت حياته بشكل كامل.
ويتطرّق هوف للحديث عن مبادرتي السلام بين سوريا وإسرائيل والتي قامت على فكرة “السلام مقابل التموضع الاستراتيجي” أي إعادة كل الأراضي السورية المحتلة مقابل إنهاء تحالفها مع إيران وحزب الله.
يقول هوف “عملت مع فريقي على تحديد خط الرابع من حزيران، وتعامل معي المسؤولين الإسرائيليين بكل جدية من أجل تحديد هذا الخط. لكن فشل تجربة مفاوضات السلام في عهد الرئيس بيل كلينتون تتحمل مسؤوليتها واشنطن، وتحديدا الرئيس كلينتون الذي قدم خارطة فاجأت ( جزء من أسلوب التفاوض الصادم كما يسمى في علم المفاوضات ) حافظ الأسد الذي سافر لجنيف وهو ما دفعه لرفض الخارطة وبالتالي فشل عملية السلام في ذلك الوقت”.
كما يحمّل هوف رئيس الوزراء الاسرائيلي السابق أيهود باراك المسؤولية الذي قدم الخريطة للرئيس كلينتون الذي بدوره لم يدقق ولم يعرض تلك الخريطة على المختصين قبل عرضها على حافظ الأسد، حيث كان يجب عرض الخارطة على الأسد الأب ( المريض آنذاك ) مسبقا قبل لقاء جنيف مع كلينتون.
“حوّل أيهود باراك قمة جنيف بين الأسد وكلينتون إلى كارثة حقيقة قضت على عملية السلام” يقول هوف “خلال وساطتي للسلام بين سوريا وإسرائيل عام 2010 شعرت أن كلا المسؤولين السوريين والإسرائيليين كانوا جديين وينشدان السلام”.
وكان لجون كيري وزوجته الذين أقاما علاقة اجتماعية مع بشار الأسد وزوجته ( وكذلك مع خال الأسد محمد مخلوف الذي ساهم مالياً في دعم حملة انتخاب كيري ، وقضايا اخرى … ) كيري لا دورا بارزا وساعدا في عملية مفاوضات السلام بين سوريا وإسرائيل، حيث وضع جون كيري وثيقة يتحدث فيها عن استعداد سوريا للتخلي عن تحالفه مع حزب الله وإنهاء العلاقة معه تلبية لاحتياجات إسرائيل الأمنية .
لكن – وفقا لهوف – “الرئيس أوباما كان مهتما بالسلام بين إسرائيل والفلسطينيين ويعتبره الركن الأساسي للسلام في الشرق الأوسط ولا أظن أنه كان يعتقد بإمكانية تحقيق السلام بين سوريا وإسرائيل أولًا”.
كما أخبر الوزير وليد المعلم هوف أن السلام مع إسرائيل يفرض على سوريا إلتزامات فيما يخص هواجس إسرائيل الأمنية لكن ثمن ذلك هو إعادة الأراضي السورية المحتلة 100 بالمئة.
ويلفت هوف إلى أن نتانياهو لم يكن يثق أن بشار الأسد ( يقول عنه زعماء كثر قابلوه إنه لا يلتزم بوعوده ولا يتصرف كرئيس ) كان جاهزا أو يريد السلام مع إسرائيل والتخلي عن تحالفاته مع إيران ولأن ذلك يعني تغيير طبيعة النظام السياسي في سوريا.
بل كان نتانياهو يفكر بإمكانية إعادة هضبة الجولان لسوريا على مراحل بين 3 إلى 4 سنوات مقابل تغيير النظام لتوجهاته السياسية وتحالفاته ، وفق مزاعم هوف.
كما لم ينشأ أي خلاف خلال المفاوضات حول خط الرابع من حزيران ما عدا النقطة المتعلقة برسم خط الحدود من ناحية المجرى العلوي لنهر الأردن.
ويختم هوف كلامه بأنه “تجادلت أكثر من مرة مع الإسرائيليين حول مدى جدية السوريين في الرغبة بصنع السلام، كما اجتمعت مع بشار الأسد وخلال اللقاء معه أبدى استعداده للتخلي عن إيران وحزب الله، حتى أنه أقر ولأول مرة أن مزارع شبعا هي سورية وليست لبنانية كما كان الحزب يدعي، حتى أنه قال لي: كيف يمكنني أن أقيم علاقة سلام مع إسرائيل بنفس الوقت الذي أقيم فيه علاقة مع أعداء إسرائيل”.
وكان هوف قام بعدة جولات مكوكية بين دمشق وتل أبيب ، في تلك الفترة كمحاولات لتنشيط عملية السلام بين الطرفين .