الدوحة – الناس نيوز ::
تعد بعض ركلات الترجيح من أهم اللحظات في تاريخ بطولة كأس العالم لكرة القدم منذ انطلاق أولى نسخها في الأوروغواي عام 1930 وحتى قبل أيام قليلة من انطلاق النسخة الثانية والعشرين (كأس العالم FIFA قطر 2022)، لا سيما تلك التي أضاعها نجوم كبار وغيرت مصير ونتائج العديد من المباريات الحاسمة.
وبحسب”قنا” فإن واحدة من أشد اللحظات قسوة في تاريخ كرة القدم على الإطلاق، تلك التي عاشها الإيطالي روبرتو باجيو في نهائي مونديال أمريكا 1994، حتى أنه لا يزال يتذكر تلك اللحظة بمرارة شديدة طوال سنوات، عندما سدد ركلة الجزاء فوق العارضة لتخسر بلاده اللقب وتفوز البرازيل.
ففي المباراة النهائية للمونديال الذي نظمته الولايات المتحدة الأمريكية والتي جمعت بين المنتخب البرازيلي ونظيره الإيطالي، حسمت ركلات الترجيح البطل لأول مرة في تاريخ كأس العالم، وفي تلك المباراة، تقدم فرانكو باريزي لتسديد الركلة الأولى عن الجانب الإيطالي، إلا أنه أهدرها ليقوم زميله حارس المرمى جيانلوكا بيجليوكا بتدارك الموقف ومنع البرازيليين من تحقيق التقدم بصد تسديدة مارسيو سانتوس.
ولقي الإيطالي دانييل ماسارو المصير ذاته بعدما اصطدم بجدار الحارس البرازيلي كلاوديو تافاريل؛ ومن ثم تقدم الأسطورة روبيرتو باجيو ليسدد كرته التي ذهبت بعيدا فوق العارضة، تلك الكرة التي بقيت عالقة في الأذهان وبعثت الحزن العميق في نفوس الإيطاليين بينما بعثت الفرحة العارمة في قلوب مشجعي البرازيل الذين تربع منتخبهم على عرش الكرة العالمية.
أيضا من ركلات الترجيح الشهيرة تلك التي جمعت فرنسا وألمانيا في نصف نهائي مونديال 1982 في إسبانيا، ففي هذه المواجهة اصطدم طموح المنتخب الفرنسي أمام نظيره الألماني، لكن صلابة حارس المرمى الألماني الشهير هارالد شوماخر، منحت الفوز للألمان بعد تألقه في عودة بلاده وتعديل النتيجة بعد أن كانت متأخرة (1 – 3)، ومن ثم عاد وخطف الأضواء خلال ركلات الترجيح، بعد تصديه لركلتي ديديه سيكاس وماكسيم بوسيس ليفسح بذلك الطريق لبلاده لمواجهة إيطاليا في النهائي، بينما أصيبت فرنسا بخيبة أمل.
وفي مونديال المكسيك 1986، عوضت فرنسا خروجها قبل أربع سنوات بركلات الترجيح أمام ألمانيا في مونديال إسبانيا، بعدما تخطت عقبة البرازيل في الدور ربع النهائي بركلات الترجيح رغم إهدار نجمها ميشيل بلاتيني لركلة، حيث تألق الحارس الفرنسي جويل باتس وتصدى لركلتي سقراطيس وخوليو سيزار.
أما في نسخة إيطاليا 1990، فقد خاض المنتخب الإنجليزي نصف نهائي المونديال للمرة الأولى منذ إحرازه اللقب عام 1966، أمام ألمانيا في مباراة انتهت بالتعادل الإيجابي (1 – 1)، ليحتكم الفريقان إلى ركلات الترجيح التي ابتسمت للألمان، ففي الوقت الذي كانت فيه النتيجة (3 – 3) أهدر كل من ستيوارت بيرس وكريس وادل للإنجليز، فيما سجل أولاف ثون للألمان.
وشكلت مباراة نصف النهائي بين هولندا والبرازيل في مونديال فرنسا 1998، فرصة لمتابعة منتخبين من بين الأفضل في القرن العشرين، فبينما كانت البرازيل تبحث عن لقبها العالمي الثاني على التوالي، كانت هولندا تبحث عن باكورة ألقابها بعد محاولتين فاشلتين في 1974 و1978.
وانتهت المباراة بالتعادل الإيجابي (1 – 1) ليحتكم الفريقان لركلات الترجيح بعد الشوطين الإضافيين، لكن البرازيل تمكنت بفضل هدوء لاعبيها من الفوز على هولندا، بعد تسجيل كل من دونجا وريفالدو وإيمرسون في مرمى فان ديرسار، بينما تألق الحارس البرازيلي كلاوديو تافاريل أمام فيليب كوكو ورونالد دي بوير.
وفي مونديال 2002، تمكنت كوريا الجنوبية البلد الذي نظم البطولة مناصفة مع اليابان، من بلوغ ثمن النهائي للمرة الأولى في تاريخه، ومن ثم واصلت المشوار نحو الدور ربع النهائي، والتي أجبرت فيه المنتخب الإسباني على خوض ركلات الترجيح بعد تعادل سلبي، ليتألق فيها الحارس هونغ ميونج-بو ويتفوق على إيكر كاسياس، محققا إنجازا تاريخيا حقيقيا لمنتخب بلاده بالتأهل إلى نصف النهائي.
أما في مونديال ألمانيا 2006، فقد شهد حسم اللقب للمرة الثانية بركلات الترجيح في المباراة النهائية التي جمعت بين منتخبي فرنسا وإيطاليا، وانتهت بالتعادل (1 – 1)، وشهدت طرد زين الدين زيدان، ولكن في ركلات الترجيح تدارك الإيطاليون مأساة مونديال أمريكا 1994، عندما خسروا أمام البرازيل، وكانت لديهم الحافز للفوز بتسجيل جميع الركلات، في المقابل كان دافيد تريزيجيه الوحيد الذي لم يفلح في تحويل ركلته إلى هدف ليمنح إيطاليا اللقب العالمي للمرة الأولى بعد 24 عاما من آخر إنجاز لها.
وشهدت نسخة مونديال جنوب إفريقيا 2010، ركلة جزاء غيرت تاريخ دولة وقارة في نفس الوقت، حيث كانت غانا أمام فرصة أن تصبح أول منتخب أفريقي يخوض نصف نهائي المونديال، لكن مهاجمها جيان أسامواه أهدر ركلة جزاء في الوقت بدل الضائع من مباراتها أمام الأوروغواي في الدور ربع النهائي، والتي تم احتسابها على المهاجم لويس سواريز الذي أخرج الكرة بيده من المرمى متعمدا، ليخرج مطرودا، ويلجأ الفريقان إلى ركلات الترجيح، والتي شهدت تألق حارس المرمى الأوروغوياني فيرناندو موسليرا بتصديه لركلتي جون منساه ودومينيك أدياه.
وخلال كأس العالم 2014 بالبرازيل، وبعد أن تأهلت عن مجموعة تضم الأوروغواي وإيطاليا وإنجلترا، أحدثت كوستاريكا مفاجأة من العيار الثقيل، وواصلت مغامرتها بإزاحة اليونان في ثمن النهائي، وبدت صعبة المراس حين واجهت المنتخب الهولندي وصيف بطل العالم، لتنتهي مباراتهما بالتعادل السلبي، ويلجأ الفريقان لركلات الترجيح.. وفي ركلات الترجيح، أقدم المدرب الهولندي لويس فان جال على تكتيك فني غير متوقع، فقبيل انتهاء الوقت الإضافي، استبدل جاسبر سيليسين بالحارس البديل تيم كرول الذي تألق وتصدى لركلتي براين رويز ومايكل أومانا، ليقود بلاده إلى الدور نصف النهائي، للمرة الخامسة في تاريخها، إلا أنها خسرت أمام الأرجنتين بسبب ركلات الترجيح أيضا.
وفي ثمن نهائي مونديال روسيا 2018 أمام كولومبيا، سعى المنتخب الإنجليزي لتفادي الفشل في ركلات الترجيح وتكرار سيناريو إيطاليا 1990، وفرنسا 1998، وألمانيا 2006، بعد اضطر للجوء إليها، ولكن جوردان بيكفورد حارس إيفرنون أدى دورا بطوليا بتصديه لركلتي ماتوس أوريبي وكارلوس باكا، وقاد بلاده لتجاوز هذه العقدة التاريخية.