مسقط – الناس نيوز ::
حقق الميزان التجاري لسلطنة عمان فائضا يقدر بنحو 5.7 مليار ريال عماني بنهاية الربع الثالث من العام الجاري، وكان قد أنهى العام الماضي بفائض قياسي يتجاوز 10 مليارات ريال عماني. ويأتي الفائض التجاري بدعم من ارتفاع حجم الصادرات النفطية وغير النفطية مقارنة مع حجم الواردات.
وقد سجل إجمالي الصادرات السلعية النفطية وغير النفطية بنهاية الربع الثالث من هذا العام 16.6 مليار ريال عماني مع حجم واردات يقترب من 11 مليار ريال عماني. وكان حجم الصادرات هذا العام منخفضا نسبيا مقارنة مع صادرات العام الماضي، لكن الفائض التجاري مازال عند مستويات جيدة تدعم المركز الخارجي لسلطنة عمان.
ومنذ بدء تنفيذ الخطة الخمسية العاشرة، يساهم نمو الصادرات العمانية خاصة غير النفطية بدور متزايد في تعزيز آفاق النمو وتنشيط مختلف القطاعات الاقتصادية، وبنهاية عام 2021 قفز حجم الصادرات إلى 17 مليار ريال عماني وهو ما يمثل زيادة بنسبة 45 بالمائة مقارنة مع عام 2020، وقد نمت الصادرات غير النفطية إلى 5.8 مليار ريال في 2021 مقارنة مع 3 مليارات في 2020.
وخلال العام الماضي، استمر حجم الصادرات في الزيادة بشكل كبير بدعم من ارتفاع الصادرات النفطية وغير النفطية، وبلغ 25 مليار ريال عماني، وبنهاية 2022 ارتفعت الصادرات غير النفطية إلى 7.5 مليار ريال عماني، وخلال العام الجاري سجلت الصادرات غير النفطية 5.3 مليار ريال عماني بنهاية الربع الثالث مقارنة مع 5.7 مليار ريال عماني خلال نفس الفترة من العام الماضي وهو ما يمثل انخفاضا نسبيا بنحو 7.5 بالمائة.
ويرجع انخفاض الصادرات غير النفطية هذا العام إلى تراجع حجم الصادرات الصناعية خاصة المعادن العادية ومنتجات الصناعات الكيماوية والبلاستيك ومنتجات المطاط، كما كان لانخفاض أسعار الطاقة هذا العام تأثيره على إجمالي حجم الصادرات الذي سجل تراجعا بنسبة 13.6 بالمائة بنهاية الربع الثالث مقارنة مع نفس الفترة من عام 2022. ورغم هذا التراجع، كان أحد التطورات الإيجابية في حركة التبادل التجاري بين سلطنة عمان والعالم هو النمو الجيد لأنشطة إعادة التصدير، وبلغ حجم هذه الأنشطة خلال 2022 نحو 1.3 مليار ريال عماني، وقد سجلت نموا بنهاية الربع الثالث من هذا العام بنسبة 13.1 بالمائة ليرتفع حجمها من 973 مليون ريال عماني بنهاية سبتمبر 2022 إلى 1.1 مليار ريال عماني بنهاية سبتمبر الماضي، ومن المتوقع استمرار هذا الأداء الجيد لأنشطة إعادة التصدير بفعل النمو الجيد الذي تشهده الموانئ البحرية والمنافذ البرية العمانية والتوسع المتزايد في الأنشطة اللوجستية في سلطنة عمان فضلا عن الشراكات المتنامية مع دول العالم والتي تمثل تعزيزا لحركة التبادل التجاري بين عمان والعالم.
وتجد الصادرات غير النفطية دعما كبيرا من نمو ملموس في القطاعات غير النفطية، فيما ساهم تنفيذ البرنامج الوطني “نزدهر” بدور مهم في جلب الاستثمارات الجديدة وزيادة نمو الاقتصاد الوطني وتنشيط حركة التجارة الخارجية كبوابة تدعم مكانة سلطنة عُمان كوجهة تنافسية للاستثمار والأعمال ومنظومة التجارة العالمية.
ويعتبر البرنامج الوطني للاستثمار وتنمية الصادرات “نزدهر”، هو الذراع التمكيني والمسرع لأولوية القطاع الخاص والاستثمار والتعاون الدولي، ضمن رؤية عُمان 2040 وبالتعاون مع وزارة التجارة والصناعة وترويج الاستثمار. وفضلا عن ارتفاع حجم الصادرات غير النفطية، كان إحدى النتائج المهمة للجهود التي بذلتها مختلف الجهات المعنية لدعم النمو والتنويع عبر ترويج الاستثمار ودعم الصادرات هو بناء شراكات استثمارية فعّالة مع عدد من الدول والشركات العالمية وهو ما ينعكس في عدد متزايد من المشروعات التي تتم بالشراكة مع الدول الشقيقة والصديقة وكذلك في الجاذبية المتزايدة لسلطنة عمان لدى مجتمع الأعمال الدولي، وترتبط سلطة عمان باتفاقيات مهمة لتشجيع الاستثمار وتعزيز التجارة مع دول العالم، كما قطعت شوطا كبيرا في تطوير منظومة الاستثمار وتحديث مجموعة القوانين والتشريعات ذات العلاقة بمختلف جوانب التنويع الاقتصادي وتشجيع الاستثمار.
وانعكاسا لذلك، زاد حجم الاستثمار الأجنبي المباشر بنهاية النصف الأول من العام الجاري إلى ما يتجاوز 22 مليار ريال عُماني مقارنة مع 19.6 مليار ريال عماني في نهاية عام 2022. ويعزز نمو الصادرات وتحقيق الفائض التجاري جهود الاستدامة المالية في سلطنة عمان عبر تحويل مسار الحساب الجاري من العجز للفائض، وبدأ الحساب الجاري في التحسن بدءا من 2021 مع انخفاض عجز الحساب الجاري إلى 5 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي مقارنة مع عجز بنسبة 16 بالمائة في عام 2020، وللمرة الأولى منذ عام 2014، سجل رصيد الحساب الجاري خلال عام 2022 فائضا قدره 2.2 مليار ريال عُماني بعد عجز بلغ نحو 1.8 مليار ريال عُماني في عام 2021، وتشير التقديرات التي أصدرتها المؤسسات الدولية إلى أن الحساب الجاري لسلطنة عمان من المتوقع أن يتجه نحو تسجيل فائض بنسبة 3.1 بالمائة و3.4 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي لسلطنة عُمان في عامي 2023 و2024 على التوالي.
وتنبع أهمية فائض الحساب الجاري كونه أحد العوامل المهمة في تقييم اقتصاد الدول من خلال علاقاتها المالية والتجارية مع العالم، ويأتي الفائض المتحقق في الحساب الجاري في سلطنة عمان ضمن التحسن العام في كافة المؤشرات المالية والاقتصادية بما في ذلك المركز الخارجي لسلطنة عمان الذي يمثل إجمالي حجم التدفقات من والى سلطنة عمان، ومنها الصادرات والواردات والإنفاق على قطاعات الخدمات والسفر والسياحة داخل عمان وأيضا تحويلات الوافدين والاستثمارات الأجنبية.
وتستهدف جهود الضبط والاستدامة المالية في سلطنة عمان مزيدا من التحسن في كافة المؤشرات على المدى القصير والمتوسط وصولا إلى تحسن مستدام، ولتعزيز المركز المالي للدولة، تتكاتف الجهود لدعم النمو الحالي في مختلف القطاعات غير النفطية مثل السياحة والسفر والصناعة واللوجستيات، كما تساهم الإصلاحات الجارية في سوق العمل في مرونة وتوازن حركة التوظيف ودعم التعمين في القطاع الخاص وهو ما يمهد لتحقيق خفض في حجم التحويلات إلى خارج سلطنة عمان.