إخلاص شدود-دبي – الناس نيوز :
حرصت الفنانة التشكيلية سناء الهيشري في معرضها “عالم حواء” على تقديم صورة المرأة القوية التي صنعت التاريخ وغيرت مجراه، وضم المعرض الذي أقيم في دبي في 23 سبتمبر/أيلول العام الجاري 15 لوحة لشخصيات نسوية هن رمز من رموز الذكاء والتضحية والوطنية، واستطاعت الهيشري بأسلوبها الفني الخاص أن تعكس إبداع وعبقرية وقوة نساء عظيمات أثّرن في حياة العالم، وقدمت في لوحاتها ألوانا مختلفة يرمز كل منها إلى امرأة معينة وصلت للقمة بعطائها لتصبح رمزاً يلهم العالم.
من بين تلك الشخصيات تقول الهيشري، زنوبيا ملكة ملكات الشرق، من تونس الخضراء عليسة مؤسسة قرطاج، ومن مصر كليوبترا وأيضا لوحة باسم شهرزاد وغيرهن، ولفتت الهيشري إلى أن معرضها ضم لوحة بطلتها امرأة من العامة صادفتها في أحد حدائق بروكسل وأعجبها جدا مظهر المرأة القوي، وهي تدخن سيجارتها وتجلس وحيدة بكل ثقة وهدوء على أحد المقاعد، فاقتربت منها للتعرف عليها أكثر وبعد حوار دار بينهما اكتشفت أنها امرأة سورية قدمت لبروكسل بعد الأحداث التي ألمت ببلدها، وأفقدتها كل ما تملك، وبعد قدومها لبروكسل عملت بجد، إلا أنها فقدت أموالها في أحد المشاريع مجدداً، لكنها لم تفقد الأمل بالرغم من المصاعب التي واجهتها. وفي جائحة كورونا انخرطت المرأة في العمل التطوعي مع الجهات ذات الاختصاص، ولم تبخل في تقديم الدعم لمن احتاج المساعدة، ولاقت تقديراً كبيراً من الحكومة البلجيكية لما عكسته من حب للبلد الذي استقبلها وفتح أبوابه لها، لتكون أيقونة للمرأة الحرة المستقلة التي واجهت المصاعب بذكاء وقوة لتحقق النجاح.
تقول الهيشري إن المرأة بالنسبة لها هي الملهمة واختيار تلك الشخصيات لمعرضها كان تحدياً كبيراً، ولكنها رسمت لوحاتها بنظرتها الفنية الخاصة، فهي تؤمن أن ما تقدمه في “التابلو” ليس مجرد لوحات تعلق في المعارض، بل هو جزء من شخصيتها، امتزج بطاقة إيجابية لتكون اللوحة منارة يهتدى بها وسيلا من المعرفة لمن يبحر في عالمها.
واعتبرت الهيشري أن حضور المرأة في أعمالها “بمثابة فُسحة أمل”، وقيمة فنية ولغة عالمية، نقلتها على لوحاتها لإيصال رسائل فنية مختلفة، وتضيف: “في السنوات الأخيرة بدأت أُثْري أعمالي الفنية بتوجهي إلى الخامات الحديثة، حيث أصبح هدفي الهروب الكلي من الأعمال التقليدية والأفكار والمواد المحدودة، متأثرة بالفيلسوف الألماني فالتر بنيامين الذي أعلن أنّ مُهمّة الفنان هي إعادة النظر في أشكاله الفنية، وفي قوى الإنتاج الفني المتاحة له حتى يستطيع أن يطوّر فنه”. وأكّدت أنها لا تحب أن تنتمي لأيّ مدرسة فنية، بل تسعى لكسر القيود، واكتشاف فن جديد يعكس شخصيتها، عبر استخدام تقنيات عالية وحديثة لتعلو بصمتها ومدرستها الفنية عن بقية المدارس التي مضت.
وفي نظرة شاملة على اللوحات التي أبدعتها الهيشري، يظهر لنا أن الفنانة التونسية جمعت في لوحاتها بين المدرستين الواقعية والتجريدية، لتعكس عبرهما رؤيتها ومسيرتها الفنية التي ابتعدت فيها عن اللوحة التقليدية، لتقدّم فناً مختلفاً راقياً يقدم قيمة فنية عبر الرسالة البصرية، إيماناً منها بأن “الفن التشكيلي ليس فقط مجرد ألوان وأشكال على اللوحة، وإنما هو بحث وتجريب ورؤى فنية”.
سناء الهيشري:
فنانة تشكيلية ومدرّسة فنون جميلة بلجيكية، تونسية المنشأ.
خريجة المعهد الملكي للفنون الجميلة في بروكسل.
شاركت عبر مسيرتها الفنية الممتدة لعقدين من الزمن في العديد من الملتقيات والمعارض التشكيلية في العديد من البلدان العربية والأوروبية في الإمارات والمغرب وتونس وهولندا وبلجيكا.