سوزان المحمود – الناس نيوز ::
ضمن فعاليات أيام الفن التشكيلي السوري، أقامت غاليري “مشوار” معرضاً من نوع خاص، يضم المعرض منشورات متعلقة بالفن التشكيلي السوري خلال ما يقارب 70 عاماً.
عندما يتجول الزائر في أرجاء المعرض تطالعه أسماء صالات الفن التشكيلي القديمة، ويسترجع ذكريات حميمة عن الفن السوري في أبهى صوره، بروشورات معارض قديمة بعضها يعود إلى عام 1952، كاتالوجات عن فنانين من أجيال عدة، منهم رواد ومنهم معاصرين، كتب في النقد الفني، مقالات نقدية مصورة، فيديو لبرامج عن الفن التشكيلي السوري، بطاقات قديمة نادرة لمعارض ضمت رواداً وفنانين مهمين، ضم المعرض منشورات 33 صالة، وقدم حالة حميمية أبهجت االمهتمين، كما طرح أسئلة وتمنيات حول إمكانية إنشاء مكتبة وطنية دائمة مختصة بالفن التشكيلي السوري، ومهتمة بتوثيق الحركة التشكيلية في سوريا.
على هامش المعرض كان لجريدة “الناس نيوز” الأسترالية الالكترونية الحوار التالي مع السيدة ميادة كليسلي، صاحبة غاليري “مشوار”:
س- هل يمكن أن تحدثينا عن فكرة المعرض؟
ترافقت الفكرة مع برنامج احتفالية أيام الفن التشكيلي السوري، وهي أن يكون هناك ما يشبه التوثيق لكل جهة ساهمت بنهضة الحركة التشكيلية السورية، مع مرور حوالي 70 عاماً على بداية حركة افتتاح المعارض المختصة بالفن التشكيلي السوري، يغطي المعرض حوالي 40% من المنشورات ونشاطات الحركة التشكيلية وأعتقد أنها كافية لإعطاء فكرة عن مسيرة هذه الحركة.
س- هل واجهت صعوبات في جمع المواد والكاتالوجات، خاصة القديمة منها؟
نعم، لم يكن الموضوع سهلاً، اعتمدت في عملية البحث على الأصدقاء الفنانين وأصحاب الصالات ومكتباتهم، وأود أن أشكر بعضهم هنا كالفنان مصطفى علي، والفنان غازي عانا، والفنان نبيل السمان والصحفي أديب مخزوم وجميع من قدم لي المساعدة، وخاصة الأستاذ نظير عوض مدير الآثار والمتاحف، لأنه سهل لي استعارة أربعين وثيقة من مكتبة أرشيف المتحف الوطني، حيث كانت تقام معارض الفن التشكيلي في البدايات منذ عام 1950 استفدت من الأرشيف ومن منشورات معارض الخمسينات والستينات في المتحف. بالإضافة إلى مكتبتي الخاصة أيضاً بكل ما فيها من كتالوجات وبروشورات ودعوات.
س- ماهو أسلوب العرض ومحتواه والهدف منه؟
يقول لجريدة “الناس نيوز” الأسترالية الالكترونية كان الهدف الأول للفكرة توثيق وعرض منشورات جميع الصالات التي قامت بمعارض تشكيلية، منذ الخمسينيات حتى اليوم، من خلال إقامة ما يشبه المكتبة الآنية المؤقتة، والمعرض يشمل الصالات التي ماتزال تعمل، وأيضاً التي توقف نشاطها، فصلت بين الصالات الخاصة والصالات التابعة لمؤسسات عامة (كصالة الشعب، وصالة لؤي كيالي، وصالة الرواق، ومركز الفنون البصرية، والجامعات، والمراكز الثقافية التابعة لوزارة الثقافة، ومديرية الفنون، والنقابة، والمتحف قديماً) والمراكز الثقافية التابعة للسفارات (الروسي، والفرنسي، وسرفانتس، وغوته)، جمعت كل مايمكن جمعه من دعوات معارض وكاتالوجات ونظمت كل شيء، كان همي نبش الذاكرة القديمة، وإظهار ما قدمته كل جهة ساهمت في تشكيل الحياة التشكيلية السورية، لكنني للأسف لم أتمكن من تغطية سوى 40% فقط من هذا التاريخ والإرث، في النهاية هذا عمل فردي كان يجب أن يكون عملاً مؤسساتياً.
س- كيف كان تلقي الجمهور للمعرض؟
كان جيداً جداً، من يأتوا يحبوا حالة أنّ هنا مكتبة مؤقتة آنية للفن التشكيلي السوري، خاصة أن المعرض مطروح بطريقة فيها سلاسة، كل غرفة لها خصوصية، أحببت حالة القراءة الحميمية التي تحدث في المعرض، وهي أمر مختلف عن القراءة على فيسبوك والإنترنت، الزائر يفتح الكتالوجات والمجلات القديمة ويطلع بشغف على المنشورات، أحببت الحالة التي عشتها مع الزوار الذين يأتون وبعضهم طلب مني تمديد المعرض.
س- كيف تم ترتيب مواد المعرض؟
قمت بترتيب تاريخ كاتالوجات، ووضعت لكل صالة تاريخ الفتح وتاريخ الإغلاق، أيضاً عثرت على صالات لم أسمع بها من قبل، لكنني كنت أفكر أن ما لدي سيأتي أشخاص آخرون ويتممونه وضعت لكل صالة هوية اسم الصالة، ومن هو صاحبها، وأين مكانها وعنوانها، حتى أنني كنت أكتب اسم الشارع الذي تقع فيه، لأن هناك شوارع لا يعرفها الناس، حتى أنا لم أسمع بها من قبل.
س- هل فكرتِ بأرشفة ما جمعتِ لتطبعيه في كتاب يمكن الرجوع له لاحقاً من المهتمين؟
في الحقيقة لا أستطيع أن أفعل ذلك -بحسب ما قال لجريدة “الناس نيوز” الأسترالية الالكترونية- لأنه سيكون هناك نقص كبير، ولن تكون هناك المصداقية المرجوة أخشى أن أظلم أناساً كثر في ذلك، أنا أضأت شمعة هنا، لينتبه الآخرون للأمر، هذا عمل مؤسساتي لا أسستطيع لوحدي القيام في ذلك. ثم إن عملي هنا فيه الكثير من الحميمية التي يصعب وضعها في كتاب، فمثلاً عندما يمسك المهتم بالوثيقة الأصلية ويتحسس ملمس الورق الأصفر، وينظر كيف أن كل شيء منظم بطريقة أكاديمية، سيشعر بأننا استقدمنا الماضي، هذا ماشعر به الطلاب والخريجون الذين زاروا المعرض، من الصعب جمع كل هذا في كتاب واحد. لكن أتمنى أن تستحدث مكتبة خاصة، يوثق ويؤرشف فيها كل مايتعلق بالفن التشكيلي السوري، ويساهم فيها كل المعنيين بالحركة الفنية، وتكون في مكان عام متاح للجميع.
س – ماهي المواد التي يتكون منها المعرض؟
بالإضافة إلى الكاتالوجات والبروشورات، هناك الكتب التي أُنجِزت عن الفنانين، وأيضاً المجلات التي ساهمت في نهضة الحركة التشكيلية، أيضاً قمت بجمع مقالات الناقد التشكيلي سعد القاسم عن فيسبوك وما يقدمه في المتحف السوري الافتراضي من حلقات مهمة جداً صورتها ووضعتها في المعرض أيضاً، كما عرضت حلقات تلفزيونية من برنامج “رواق الفنون”، التي أعدها وكتب لها السيناريو الفنان غازي عانا في التلفزيون السوري، حيث قدم حلقات عدد كبير من الفنانين السوريين عُرِضَ البرنامج ما بين 2004 إلى 2018 كجزء من الأرشيف الفني، حاولت في عملي هذا أن أعطي لكل حقه قدر المستطاع، التلفزيون والنقاد والفنانون والغاليريهات وأية جهة بذلت جهداً في رسم الحركة التشكيلية في سوريا، وحتى وضعت قسماً لبعض الصالات من المحافظات الأخرى، كصالة الخانجي من حلب، وصالة النهر الخالد من حمص، وإيمار من اللاذقية.
س – من خلال عملك في الغاليري كيف ترين جمهور الحركة التشكيلية اليوم، وهل هناك سوق للوحات؟
يوجد نشاط كمي والناس ترغب بمشاهدة اللوحات، صالتي هدفها ثقافي بالدرجة الأولى، وأشعر أن العمل يتقدم في كل معرض أقوم به وأنه أصبح لدينا مجتمع للصالة في المنطقة التي تقع فيها، وهي تلعب دوراً في تطوير النظرة للفن التشكيلي فأصبح الجمهور يميز بين اللوحة التجارية واللوحة الفنية. أما بالنسبة للتسويق لا يوجد سوق للوحات حتى الآن.
س – كيف تقيمين وجود الكاتالوج قبل الحرب وبعد الحرب؟
بالتأكيد قبل الحرب كان الوضع مختلفاً تماماً، كان هناك نشاط جيد في طباعة الكاتالوجات والبرشورات والدعوات، ونلاحظ الفرق ماقبل تاريخ 2010، وما بعدها، خلال سنوات الحرب وبعدها، لكن بعد الحرب أصبحت تكاليف الطباعة عالية جداً، وأصبح من الصعب علينا طباعة الكاتالوجات أو حتى البطاقات بسبب ندرة الورق والأحبار.
وصارت معظم الصالات تستعين بوسائل التواصل الاجتماعي وواتس آب للإعلان عن معارضها، وهذا أمر على الرغم من أنه يحل مشكلة كبيرة للإعلان عن المعارض إلا أنه لا يمكن الاستغناء عن البرشورات والكاتولوجات الورقية، خاصة في مجال العمل الفني التشكيلي لأنها تشكل وثيقة للمستقبل وللأجيال اللاحقة، فهي تشكل ذاكرة توثيقية لنا، لأن الشعوب إن لم تحافظ على ذاكرتها الثقافية تذهب إلى الفراغ.
افتتحت صالة “مشوار” في 2010 وتوقف نشاطها الفني في 2014، ثم عادت إلى مسيرتها في إقامة المعارض منذ 2018.