[jnews_post_author ]
في كل عام ينتظر أصدقاء أدونيس وقطاع واسع من الصحافة أن تعلن الأكاديمية السويدية فوز الشاعر السوري بجائزة نوبل للآداب. ويتكرر هذا الطقس منذ قرابة ثلاثة عقود، ولكن النتيجة تأتي مخيبة للآمال. وفي كل عام نطرح نفس السؤال عن سبب عدم منح الجائزة لهذا الشاعر رغم أنه ضمن القائمة القصيرة؟.
تتضارب الروايات والتفسيرات حول السبب، ووحدها الأكاديمية السويدية تعرف الإجابة، ولكنها تبقى صامتة وراكدة مثل بركة متجمدة. وفي سنوات الثمانينيات من القرن الماضي كلفت الأكاديمية بصورة غير مباشرة شاعرا وباحثا عربيا بإعداد دراسة عن الرمز في شعر أدونيس، ومن غير المعروف مدى تأثير تلك الدراسة على قرار الأكاديمية، إلا أن هناك همهمات دارت في الكواليس عن مفعول سلبي لأن الدراسة كشفت عن مرجعيات ثقافية عند أدونيس محل اختلافات في العالم العربي.
من المؤكد أن أدونيس شاعر كوني، وصاحب منجزين شعري وفكري هامين، وهو من بين الكتاب الذين تنطبق عليهم، أو يلبون معايير جائزة نوبل. وهذا حكم يبقى نظريا لأن الجائزة طالما لم تذهب إلى كتاب آخرين أعلى قامة من كثيرين حصلوا عليها، ومن هؤلاء الأرجنتيني خورخي لويس بورخيس أحد أبرز كتاب القرن العشرين، والروائي الأيرلندي جيمس جويس، والكاتبة الإنكليزية فيرجينا وولف، وتولستوي، ومارسيل بروست صاحب البحث عن الزمن المفقود.
كاتب آخر لا يقل أهمية وشهرة عن أدونيس هو الكاتب الهندي سلمان رشدي، ينتظر بدوره منذ عدة سنوات أن تعلن الأكاديمية السويدية اسمه وتكرمه لنتاجه الروائي المتميز، ولكنْ هناك رأي معاكس مفاده أن رشدي فقد فرصته، وكان يمكن أن يحصل على نوبل فقط من أجل رواية “أطفال منتصف الليل” التي فازت بجائزة بوكر عام 1989 واعتبرت “أفضل رواية لجميع الفائزين”، وحتى رواية “آيات شيطانية” التي صدرت عام 1989 كان رشدي أفضل من نقلت أعماله عوالم القارة الهندية، ومع آيات شيطانية دخل في مسار آخر هو الجدل مع الدين الإسلامي، الأمر الذي أثار ردود فعل وضجة مضادة وفتاوى بالقتل. وهناك من بين النقاد من يعتبر أن رشدي الذي كتب أعمالا لا تقل أهمية عن أعماله الأولى جانب معايير نوبل التي تم تطبيقها على روائيين آخرين هما نجيب محفوظ والتركي أورهان باموك. ومن دون شك فإن السبب الأساسي في حصول محفوظ على نوبل هو أنه حكواتي مصري بامتياز، ومن يقرأ أعماله يجد البيئة المصرية بكل تفاصيلها، والأمر ذاته بالنسبة إلى التركي أورهان باموك صاحب رواية إسطنبول التي هي جزء من سيرة الكاتب الذاتية، طفولته وشبابه، وهو عكس عدة وجوه لمدينة إسطنبول من موقعه العائلي كابن طبقة وسطى تعيش حالة انتقالية بين القديم الذي ينتهي والجديد الذي لم يولد بعد. ويسجل لكل من محفوظ وباموك أنهما حققا هذه المعادلة حصريا، ورغم ظهور كتابات مصرية كثيرة عن القاهرة، فإن قاهرة نجيب محفوظ تبقى هي الأكثر تعبيرا عن المجتمع المصري، والأمر ذاته بالنسبة لباموك الذي يقدم مدينة إسطنبول على نحو فريد. وباختصار إن ما يميز محفوظ وباموك عن أدونيس ورشدي حسب معايير نوبل هو البيئة التي يقدمها الكاتب.
كان يمكن لمحمود درويش أن يحصل على جائزة نوبل حسب المعايير التي اتبعتها نوبل، فهو استطاع أن يجعل من الشعب الفلسطيني حاضرا بقوة في القصيدة، وأن يعكس القضية الفلسطينية من دون أن يسقط في المباشرة، ولكن العائق أمامه كان سياسيا يتمثل في رد الفعل الإسرائيلي، ولذلك جرى الحديث أكثر من مرة عن تقسيم الجائزة بين درويش وكاتب إسرائيلي، وطرح اسم الروائي عاموس عوز، ولكن يبدو أن سقوط أوسلو أسقط هذا التوجه.
——————————————————————–
بشير البكر – الناس نيوز