ميديا – الناس نيوز ::
كشف تحقيق موسّع لصحيفة “نيويورك تايمز” الأميركية، عن محاولات يقودها جنرالات وبعض قادة أجهزة المخابرات لدى نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد، من المنفى، لبناء تمرد مسلح يزعزع الحكومة السورية ويستعيد جزءاً من البلاد في مناطق العلويين في الساحل السوري.
إحياء النفوذ في سوريا
وقالت الصحيفة إن التحقيق استند إلى اتصالات هاتفية ورسائل نصية مخترقة، إضافة إلى مقابلات وتحليل معمّق، توضح كيف يتقاطع الطموح العسكري مع المال والضغط السياسي الخارجي.
ولفتت إلى أن المقابلات والمراجعات للاتصالات بين القادة، أظهرت أنهم مصممون على إحياء نفوذهم في سوريا، لكن من غير الواضح حتى الآن ما إذ كان هؤلاء يشكلون تهديداً جدياً للسلطات السورية الجديدة.
ويأمل هؤلاء باقتطاع من سيطرة الحكومة السورية، مناطق الساحل السوري الذي ينتمي إليه الأسد وكبار ضباطه العسكريين والأمنيين، وحيث تعيش الطائفة العلوية.
ووفق الصحيفة، فإن القائد السابق للقوات الخاصة التابعة للأسد، سهيل الحسن الملقب بـ”النمر”، ورئيس المخابرات العسكرية السابق كمال الحسن، هما العنصران الرئيسيان المتورطان في هذا المحاولات، على الرغم من اختلاف مقارباتهما.
وكشفت المقابلات والاتصالات أن كلاً من القائدين وزع أموالاً، وجند مقاتلين، وأمن أسلحة، كما أنهما قادران على التحرك على الرغم من العقوبات الدولية المفروضة عليهما.
سهيل الحسن
ووفق التحقيق، فإن سهيل الحسن كان من أوائل المسؤولين الذين سعت موسكو إلى إجلائهم مع بدء انهيار النظام المخلوع قبل عام، وهو الذي حظي برعاية طويلة من قبل موسكو، كما يبدو بأنه يرفض التقاعد من منفاه في روسيا.
وأوضح أنه هو الأكثر اندفاعاً نحو خيار التمرد المسلح، حيث قام بإحصاء وتوثيق ما يزيد على 168 ألف مقاتل من الطائفة العلوية في منطقة الساحل السوري، يملك 20 ألفاً منهم إمكانية الوصول إلى مدافع رشاشة، و331 يمتلكون مدافع مضادة للطائرات، و150 بحوزتهم قذائف مضادة للدروع، و35 قناصاً لا يزالون يحتفظون بأسلحتهم.
ولم يكن سهيل الحسن يعمل منفرداً، إنما تلقى دعماً مالياً من رجل الأعمال السوري وابن خال بشار الأسد، رامي مخلوف، الذي يلعب دور الممول والمبشر، ويسعى إلى لعب دور قيادي داخل الطائفة العلوية.
وأشار التحقيق إلى أن مخلوف، لا يكتفي بضخ مئات الآلاف من الدولارات كرواتب شهرية للمقاتلين، تتراوح بين 200 و1000 دولار، إنما يروج لنفسه على أنه “المنقذ المخلِّص” القادر على حماية الطائفة العلوية.
واعتبر أن هذا التحالف المُمثل بمخلوف وسهيل الحسن، المال مع الخبرة العسكرية الوحشية، يشكّل النواة الصلبة لـ”جيش الظل” الذي ينتظر لحظة ضعف الحكومة الجديدة للانقضاض عليها. وأرسل سهيل الحسن مخططات لشخص خاطبه بـ”القائد الأعلى لقواتنا المسلحة”، من دون أن يسميه، لكن الدلائل تشير إلى أنه يقصد مخلوف.
وكشف التحقيق عن محاولات لشراء أسلحة، وتوزيع رواتب على مقاتلين محتملين، وحتى السعي للتنسيق مع مليشيات إقليمية لتهريب السلاح، وإن كانت هذه الشبكة قد بدأت لاحقا بالتفكك نتيجة الخلافات وصعوبة التنفيذ.
وأضاف أن سهيل الحسن التقى متعاونين في لبنان والعراق وحتى سوريا خلال العامين الماضيين، فيما قال أحد المصادر إنه التقى كمال الحسن في لبنان.
كمال الحسن
أما كمال الحسن، فوفق الصحيفة كان أقل تركيزاً على العمل العسكري المباشر، وأكثر اهتماماً ببناء نفوذ سياسي خارجي، إذ أظهر التحقيق أنه يقف خلف ما تسمى “مؤسسة تنمية غرب سوريا”، التي تعمل من بيروت تحت غطاء إنساني.
وقال التحقيق إن المؤسسة سعت إلى التعاقد مع شركات ضغط أميركية بعقد بلغت قيمته مليون دولار، من أجل الدفع باتجاه فكرة الحماية الدولية لمناطق العلويين، حيث تعاقدت المؤسسة مع شركة الضغط السياسي الأميركية “تايغر هيل بارتنرز”، ومع جوزيف شميتز، المستشار السابق للرئيس دونالد ترامب والمسؤول التنفيذي السابق في شركة “بلاك ووتر”.
ووفق الصحيفة، يثير هذا المسار قلق دبلوماسيين في سوريا أكثر من خطط التمرد نفسها، إذ يرون أن الضغط السياسي المنظم في واشنطن قد يُمهِّد تدريجياً لدعوات بإقامة إقليم شبه ذاتي الحكم داخل سوريا.
غياث دلة
واظهرت الاتصالات أن كمال الحسن جنّد الضابط البارز في الفرقة الرابعة سابقاً غياث دلة، وقال الأخير في إحدى الرسائل إنه وزع 300 ألف دولار كرواتب شهرية للمقاتلين والقادة المحتملين، كما طلب الموافقة على شراء معدات اتصالية فضائية بقيمة 136 ألف دولار.
وقال التحقيق إن دلة كان المحرك الأساسي لمحاولات تهريب الأسلحة، بما في ذلك الطائرات المسيرة والصواريخ المضادة للدبابات، بالتنسيق مع مليشيات عراقية مرتبطة بإيران.
وأضاف أن الجنرال محمد الحصوري، الذي كان قائداً للجو السابق في نظام الأسد، انضم إلى الشبكة، وكتب كمال الحسن أن المسؤولين الإيرانيين نقلوا الحصوري و20 من طياري النظام إلى فندق في لبنان، وأعربوا عن رغبتهم في البقاء والانضمام إلى التمرد إذا غطى الحسن تكاليف الإقامة والطعام، ولكن خططهم انهارت بعد ذلك.
الأكثر شعبية



هآرتس: كيف للمثلث الإسرائيلي اللبناني السوري أن يغير الشرق؟

