د. خالد عبد الكريم – الناس نيوز :
جدل حقوقي واسع حول المسببات والدوافع لهجرة الأفارقة الى اليمن. دروب الموت المنسية بين ضفتي باب المندب باتت مثار نقاش، وتعرض الصمت المريع للمنظمة الدولية للهجرة إلى انتقادات شديدة من قبل المنظمات والهيئات المهتمة بالدفاع عن حقوق الإنسان، كل ذلك إثر تداعيات محرقة المهاجرين الإثيوبيين في صنعاء التي ارتكبتها جماعة الحوثي مطلع مارس آذار الماضي .
مجموعة من المنظمات الحقوقية في دول الاتحاد الأوروبي نظمت ندوة شاركت فيها جريدة ” الناس نيوز ” الأسترالية الإلكترونية عبر الاتصال المرئي تحدثت عن الأوضاع القاسية التي يعيشها الإثيوبيون في بلدهم من بطالة وفقر وتدني مستوى التنمية، تدفع آلاف منهم كل عامٍ هرباً من شظف العيش ، ليركبوا أمواج البحر العاتية في خليج عدن، أملاً في الوصول إلى بر الأمان المأمول في الشواطئ اليمنية.
الندوة تحدثت أيضا عن تزايد أعداد المهاجرين من شرق أفريقيا في العقدين الماضيين ، الذين اعتادوا على اتخاذ الأراضي اليمنية معبراً للوصول إلى دول الخليج العربي.
ساعد على ذلك سببان الأول، قرب اليمن من شرق أفريقيا.
السبب الثاني ان سكان القرن الأفريقي تربطهم باليمن علاقات تاريخية حيث يحسن اليمنيون التعامل مع جيرانهم الأفارقة، بل هناك هجرات متبادلة وروابط قربى جعلت الأفارقة يختارون اليمن، مكانا لهجرتهم أو ممراً إلى دول أخرى .
المشاركون في الندوة، أكدوا أن معظم المهاجرين الجدد ليسوا على دراية بالأوضاع الأمنية في اليمن، ولا يعلمون أن اليمن ساحة حرب نشطة. البعض ينجو في عبور خليج عدن ، ويبدؤون في اليابسة رحلة أخرى سيرا على الأقدام محفوفة بمخاطر من نوع آخر، حتى يستقر بهم المقام في أي مدينة او بلدة يمنية، ثم لا يلبثون أن يجمعوا ما تيسر لديهم من المال لقاء قيامهم ببعض الأعمال البسيطة بأجور زهيدة للغاية. ليدفعوا بها لتجار البشر لنقلهم إلى الدول المجاورة.
أوردت الندوة أرقاما عن المنظمة الدولية للهجرة تفيد أنه خلال العام 2019 م بلغ عدد من عبروا خليج عدن من الأفارقة قرابة 138 ألف مهاجر أفريقي معظمهم من إثيوبيا . وفي اليمن يوجد أكثر من مليون لاجئ أفريقي معظمهم من الصوماليين يليهم الإثيوبيون فالإريتريون وغيرهم ، إذ كانت غالبيتهم تقيم وتعمل في مدن يمنية شتى .
لكن الظروف في اليمن أصبحت سيئة بسبب تفاقم الأزمة السياسية والاقتصادية، وزاد من تدهور أحوال المهاجرين واللاجئين الأفارقة وقلة حيلتهم في اليمن اندلاع الحرب التي دخلت عامها السابع بين الشرعية اليمنية المدعومة من التحالف الذي تقوده السعودية و بين الانقلابيين الحوثيين المدعومين من إيران ، وبالتالي فلم يعد اليمن مكاناً آمناً لهؤلاء ولا الحدود السعودية قابلة للتسلل منها إلى مدنها القريبة بالسهولة نفسها التي كانت عليها.
الندوة أدانت الحريق الذي قتل فيه المئات من المهاجرين الإثيوبيين ، في أحد مراكز حجز المهاجرين التي تديرها جماعة الحوثي في صنعاء .
أشار المتحدثون في الندوة أن معظم القتلى والجرحى كانوا من بين قرابة 900 شخص محتجز وفقاً لما ذكرته المنظمة الدولية للهجرة ومصادر يمنية وإثيوبية متطابقة.
إعتبرت الندوة ماحدث للمهاجرين الإثيوبيين من قبل الحوثيين يعد إساءة لتاريخ العلاقات الأزلية بين اليمنيين والإثيوبيين ، وجريمة إبادة جماعية لأشخاص عزل ومسلوبي الإرادة ومن الفئات الأشد ضعفا. وأنها جريمة لا يجب أن تمر دون معاقبة مرتكبيها.
شارك في الندوة الدكتور خالد عبد الكريم مدير المركز الدولي للإعلام والتنمية – فرنسا – والسيدة نور حمادة نائبة رئيس مجلس جنيف للحقوق والحريات – سويسرا – والأستاذ توفيق الحميدي رئيس منظمة سام للحقوق والحريات – النمسا – والأستاذ أنس الجرجاوي المدير الإقليمي للمرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان – القدس – .
الندوة اعتبرت ان مأساة المهاجرين الأفارقة تشترك في صناعتها عوامل عدة منها الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي يعيشه الإثيوبيون في بلدهم، وهو الدافع لهجرة مئات الالآف من الإثيوبيين.
انتقدت الندوة دور المنظمة الدولية للهجرة، باعتبارها تهتم فقط بالمآسي على طريق الهجرة المتوسطية الى أوروبا، ولاتهتم لأنواع المخاطر التي يتعرض لها المهاجرون عبر البحر الأحمر، وخليج عدن، على الرغم من أنها طريق الهجرة الأكثر ازدحاما في العالم.
خرجت الندوة ببيان يتضمن توصيات رفعتها إلى المنظمة الدولية للهجرة، والمنظمات ذات العلاقة. تطالب بمنع الحوثيين من الزج بالمهاجرين الأفارقة في جبهات القتال، و تقديم الدعم الطارئ لإنقاذ حياة المهاجرين الإثيوبيين و حمايتهم من المهربين وعصابات الإتجار بالبشر، والعمل على دعم مشاريع التنمية في مجتمعاتهم المحلية في إثيوبيا للتقليل من العوامل التي تؤدي إلى الهجرة غير القانونية . توازيا مع تسهيل الهجرة المنتظمة بالاعتماد على الحقائق الديموغرافية، واحتياجات سوق العمل.