كريستين كنيب، ألكسندرا يلكين
الناس نيوز – ترجمة د. علي حافظ
تنفق روسيا موارد ضخمة على دعم نظام الأسد، لكن الحرب في سوريا لم تنته بعد، واقتصاد البلاد مدمر. هل تصبح هذه متطلبات أساسية لرحيل بشار الأسد؟
قرر السفير الروسي في إيران ليفان جاغاريان أخيراً، وضع كل النقاط على الحروف. فقد أجرى مقابلة مع “وكالة الأنباء الإيرانية” (مهر) في منتصف أيار/مايو، عبّر خلالها عن الموقف الرسمي لبلاده تجاه بشار الأسد. نفى السفير فيها، على وجه الخصوص، الشائعات التي تفيد بأن موسكو غير راضية عن الرئيس السوري، واتفقت مع طهران على إقالته. قال جاغاريان: “إن الاتحاد الروسي سيواصل دعم العملية السياسية في سوريا والحكومة الشرعية لهذا البلد. وبأن مستقبل سوريا ملك لشعبها، وهو الوحيد القادر على اتخاذ القرارات بشأن بلاده”.
تستند الشائعات حول الخلاف بين روسيا وإيران من جهة، وبشار الأسد من جهة أخرى، إلى حقيقة أن الحرب في سوريا مستمرة منذ أكثر من تسع سنوات، وما زال موقف الأسد المتصلب لا يسمح بوقف كامل لإطلاق النار.
تنفق روسيا وإيران موارد ضخمة على العملية العسكرية في هذا البلد، وكانتا تبحثان منذ فترة طويلة عن فرصة لإنهاء الصراع. بالإضافة إلى ذلك، اضطرت موسكو وطهران، في الأشهر الأخيرة، إلى تخصيص أموال ضخمة لمكافحة الفيروس التاجي داخل بلديهما: إزاء هذه الخلفية، سيشكل الإنفاق العسكري المتزايد عبئاً أكبر على ميزانيتيهما.
“روسيا وإيران تتمسكان بالأسد”
يوضح الخبير في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية جوليان بارنز-ديكي بأنه على الرغم من ذلك، تواصل روسيا وإيران التمسك بقوة بالأسد. ويضيف: “ترغب روسيا في أن يلعب الأسد دوراً بنّاءً أكثر في سياسات البلاد. لكن موسكو تدرك أيضاً أنه لا يزال شخصية رئيسية في سوريا ويمتلك السلطة في يديه”. ووفقاً له، فإن السلطات الإيرانية لا تزال تعتمد على الأسد: “طهران لديها القليل من القلق بشأن مدى صلاحية النظام السياسي السوري. هي معنية إلى حد كبير بضمان الأمن القومي لبلادها، وتعتقد أن الأسد هو الضامن الأفضل لهذا الأمر”. وهذا ما تؤكده التصريحات الأخيرة لمستشار رئيس البرلمان الإيراني للشؤون الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، حيث نفى الشائعات التي تؤكد بأن القادة السياسيين في طهران وموسكو قد وافقوا على الإطاحة بالأسد. وقال إن التقارير عن مثل هذه الصفقة مجرد هراء تام، مؤكداً أن الأسد هو الرئيس الشرعي لسوريا.
نزاع في عائلة الأسد
في الوقت نفسه، لا يدعم الجميع الأسد في سوريا نفسها. حتى بعض ممثلي دائرته الداخلية غير راضين عن أسلوب حكمه. في نهاية نيسان/أبريل، اشتكى ابن خاله رامي مخلوف – أحد أغنى الناس في البلاد – على موقعي “تويتر” و”فيسبوك” من ضغوط قوات الأمن السورية على إمبراطوريته التجارية.
يدعي الأوليغارشي، الذي تقدر ثروتها بـ 5 مليارات دولار، أن السلطات تطالبه بالتخلي عن شركته سيريتل – أكبر مشغل للهواتف المحمولة في البلاد وأحد المصادر الرئيسية للإيرادات الحكومية – ودفع دين بقيمة 170 مليون دولار إلى الدولة. قال رجل الأعمال: “أصبح الضغط غير مقبول وغير إنساني، وبدأت الأجهزة الأمنية في إلقاء القبض على موظفينا. هل توقع أحد أن تأتي قوات الأمن إلى شركات رامي مخلوف، بينما كنت أكبر داعم وراعٍ لهذه الهياكل؟”.
هل زوجة الأسد في دور جديد؟
يبدو أن الصراع بين بشار الأسد وابن خاله يشير إلى إعادة توزيع مناطق النفوذ الاقتصادي في البلاد. من الممكن أن تلعب زوجة الرئيس أسماء الأسد الآن دوراً قيادياً في الاقتصاد السوري، حيث وجهت خطاباً متلفزاً إلى مواطني البلد في 17 أيار/مايو، أعلنت عزم الجهاز الرئاسي على معالجة قضايا مساعدة السوريين الذين أصيبوا خلال الأعمال العسكرية.. شارك رامي مخلوف سابقاً في الإشراف على مثل هذه البرامج!
بالإضافة إلى ذلك، اعترفت زوجة الأسد بأن البلاد تواجه أزمة اقتصادية عميقة، ووعدت بتنفيذ الإصلاحات اللازمة.
نقص التمويل المزمن
يشير الخبير في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية جوليان بارنز-ديكي إلى حقيقة أن تحدث رامي مخلوف علناً ضد السلطات السورية، يشهد على وجود انقسام في البيئة المحيطة بالرئيس. ومع ذلك، فهو مقتنع بأنه لن يتمكن من إيذاء الأسد. يعتقد المحلل أن “الرئيس يحتفظ بسلطة البلاد بين يديه. حتى النخبة لا تستطيع عمل الكثير ضد إرادته”.
ومع ذلك، من غير المحتمل أن يساعد هذا الأسد في حل المشاكل الاقتصادية الهائلة التي نشأت في سوريا بسبب الحرب.
ليس لدى الأسد حليف جاد واحد غير روسيا وإيران وحركة “حزب الله” الشيعية اللبنانية. تمتنع الدول الغربية عن أي خطوات يمكن أن تساعد بإبقاء الأسد في السلطة. كما أن الوضع معقد بسبب المشاكل في الاقتصاد العالمي الناتجة عن وباء الفيروس التاجي. لذلك، من المحتمل أن تعاني الميزانية السورية لفترة طويلة من نقص مزمن في التمويل . موقع “دويتشه فيله” باللغة الروسية، 22 أيار/مايو 2020.