د. خالد عبد الكريم – الناس نيوز ::
هل يحق للّيمني أن يستهجنَ عدم احترام رأيه، وأن يستغربَ عدم الأخذ بصوته في اختيار رئيس للبلاد كما هو العهد في دول العالم، وأن يستفظعَ انتقال تشكيل الحكومات من فرصة حل إلى مشروع مشكلة جديدة توقظ كلَّ أنواع المحاصصات مناطقية قبلية حزبية.
وهل يحق لليمني أن يستغربَ فشل المؤسسات القائمة في تأدية دورها حفاظاً على مصالح البلاد والعباد، ورؤية الحلول تفرض من خارجها بقوة الشارع أو السلاح؟
وهل من حقّه أن يشعرَ بالمفاجأة إذا رأى السياسيين يقدمون مصالحهم وكيدياتهم على حساب المواطنين؟ .
وهل يستهول أن يتدهورَ الاقتصاد، وتتدهور معيشة الناس، ولا يرفُّ للسياسيين جفنٌ؟ وهل يعتبر غريباً أن تنشرَ أرقام الجوعى وأسوأ كارثة تشهدها البشرية ولا تدهم المسؤولين يقظةُ ضمير ؟
لا يحقُّ لليمني ذلك بالتأكيد، فقد أصيبت بلاده بمرض نقص المناعة الوطنية والمؤسساتية، ما ضاعف يأس أبنائها منها، ويأس العالم منهم. لقد تعرَّض اليمن لعملية تجريف مذهلة وممنهجة، ضربت مؤسساتِه وروحَه ومعناه ودوره. وكان يؤمل أن يكونَ الخراب الهائلُ لهذا البلد العربي درساً رادعاً لكل الدول التي تتلمَّس طريقَها بين إرث صعب وحاضر بالغ التعقيد.
اليمني لا يخفي قلقه الشديد من الأيام المقبلة، وما ستأتي به من صراع بين الجنوبيين ذاتهم والشماليين أنفسهم ربما ظهرت مسميات جديدة شرقيين وغربيين، ولا سيَّما أن اليمن صار يتَّسع لكل الدعوات لإحياء كيانات وتشكيل دول، خصوصاً في غياب ثقافة احترام الوطن الكبير وهيمنة عقلية الانتماءات الصغيرة.
أرسل اليمن في السنتين الأخيرتين إشارات تعدُّ بالخروج من زمن الفشل والعنف والضياع. والأخذ بالحوار والتفاوض وسيلة لإخراج البلاد من مأزقها، والخروج من زمن الميليشيات والمسيّرات إلى زمن القانون والمؤسسات.
لكن انهيار الاقتصاد والخدمات ينذر بإضاعة تلك الإشارات. والعودة إلى تعطيل المؤسسات وإضعافها. لا ننكر أن شريحة من اليمنيين أفرزتها الحرب يجدون مصلحتهم في استمرار المأساة.
لذا لا حل غير العودة إلى تحصين المؤسسات والاحتكام إليها والعمل في ظلّها. لا مصلحة لليمن في استمرار انتهازية القائمين على الحل.
الرهان على استمرار الفوضى لن ينجب إلا مزيداً من اليأس والدم للبعض والثروة والجاه للبعض الآخر.