د . أمير سعادة – الناس نيوز ::
قرأنا أمس نبأ مقتل نجل أحد الوزراء في حكومة بينجامين نتنياهو أثناء مشاركته في حرب غزة. والده غادي آيزنكوت، كان رئيساً لأركان الجيش الإسرائيلي حتى سنة 2019، ومن المؤكّد أنه لو استطاع أن يحميه من الخدمة – والموت المحتمل – لما تأخّر عن ذلك. أعاد خبر وفاته تذكير الإسرائيليين بيائر نتنياهو؛ أكبر أبناء رئيس الحكومة بينجامين نتنياهو، الذي بقي في فلوريدا، ولم يلتحق بالخدمة العسكرية دفاعاً عن بلاده، في أعقاب هجوم حركة حماس في 7 تشرين الأول الماضي. تعرّض نتنياهو لانتقاداتٍ لاذعة بسببه، ما أجبر الفتى يائير هذا الأسبوع على التطوّع في قسم الإسعاف التابع للجيش الإسرائيلي، لكيلا يُقال إنه بقي بعيداً عن ساحة المعركة. يائر لا يحبّ الحرب، وعندما خدم خدمته العسكرية الإلزامية قبل سنوات، فضّل أن يكون في قسم الإعلام والبينات الرسمية، لا على الجبهات.
إن عدنا إلى أولاد رؤساء الحكومات الإسرائيلية المؤسسين، نجد أن معظم أولادهم ابتعدوا عن الحياة العسكرية والسياسية، مثل يائر نتنياهو، باستثناء أبناء مناحيم بيغن وإسحاق شامير وأريل شارون؛ ابن إسحاق رابين، واسمه بينجامين بيغن، هو عالم جيولوجية دخل الكنيست الإسرائيلي، وحاول ترأس حزب الليكود قبل أن يهزمه نتنياهو سنة 1993، ثم كان وزيراً للعلوم في فترة التسعينيات. ويائر شامير ابن إسحاق شامير خدم في القوى الجوية الإسرائيلية، وكان وزيراً للزراعة في السنوات 2013-2015، أما أومري شارون، فقد دخل الكنيست سنة 2003، واُعتقل بعدها بتُهم فساد، عكس أخيه جيلاد شارون، الذي عمل في التجارة والزراعية، بعيداً كل البعد عن عالم السياسة. هؤلاء كانوا الاستثناء وليس العُرف، وإليكم مسيرة أقرانهم من أولاد الآباء المؤسسين للدولة العبرية.
أموس بن غوريون: نجل أول رئيس حكومة في إسرائيل، توفي عن عمر 88 عاماً سنة 2008، وكان يعمل في إدارة واستثمار الفنادق السياحية بعيداً عن السياسة، علماً أنه خدم في الجيش البريطاني أيام الحرب العالمية الثانية، قبل قيام دولة إسرائيل.
ياكوف شاريت، نجل خليفة بن غوريون موشي شاريت، لا يزال على قيد الحياة، وهو في نهاية العقد التاسع من عمره، ومن أشهر المعارضين للصهيونية السياسية. قبل سنتين، أعطى لقاء صحفي مع جريدة هآرتس قال فيه: “دولة إسرائيل ولدت في زنا” على الرغم من عمله في الماضي في جهاز الأمن الإسرائيلي الداخلي، إلى أنه اليوم يعارض هجرة اليهود إليها ويقول: “أنا متعاون قسري مع دولة إجرامية، هذا الاعتراف لن يتركني، إن إسرائيل هي في نهاية المطاف دولة محتلة لشعب آخر”.
جاء بعد موشي شاريت إلى الحكم الرئيس ليفي أشكول، الذي اندلعت في زمنه حرب حزيران عام 1967، ولم يُرزق بأولاد ذكور. خلفته غولدا مائير سنة 1969، وبقيت في الحكم حتى سنة 1974، ولها ابن وحيد يُدعى “مناحيم مايرسون” كان موسيقي بارع وعازف محترف، توفي عن عمر 90 عاماً سنة 2014.
يوفال اين إسحاق رابين، الذي خلف غولدا مائير في رئاسة الحكومة في أعقاب حرب أكتوبر سنة 1973، ثم عاد إلى الحكم سنة 1992، ووقّع اتفاق أوسلو مع ياسر عرفات. عمل ابنه في الزراعة والاستثمارات المالية، بعيداً عن السياسة.
يوري وشيمي بيريس، أولاد شيمون بيريس الذي خلف إسحاق رابين في الحكم، وأصبح لاحقاً رئيساً للدولة، عمِلا بعيداً عن السياسة أيضاً: الأول في عالم الأعمال والاستثمارات العقارية، والثاني في النحت والفن، وكلاهما ينشط اليوم في مؤسسة شيمون بيريس الدولية للسلام، ولكنهم رفضوا السير في عالم السياسة.
حتى إن هذا الكلام ينطبق على مَنْ جاء إلى الحكم من بعدهم، ولا يزال حاضراً في المشهد السياسي الإسرائيلي، مثل إيهود باراك الذي أطاحت به الانتفاضة الثانية، واستبدلته بآريل شارون، له ابن يدعى يائل يعمل بالمحاماة، ولم يدخل السياسة. وكذلك هو الحال مع المحامي شاؤول ألميرت، ابن إيهود أولمرت الذي حكم إسرائيل في حرب لبنان سنة 2006، وله ابنٌ ثانٍ يدعى آرييل، وهو رجل أعمال، وللمفارقة، فإن التقييم نفسه ينطبق على أولاد الجيل المؤسس لحركة فتح، أول مَنْ رفع السلاح في الثورة الفلسطينية، من زها بنت ياسر عرفات، مروراً بأولاد أبي جهاد وأبي إياد وغيرهم من القادة الفلسطينيين!!.