د . أمير سعادة – الناس نيوز ::
عجيب هذا البلد الذي اسمه لبنان، فيه أهم وأقدم وأعرق جامعة في الشرق الأوسط، وهي جامعة بيروت الأميركية، ولكن أحداً من رؤسائها لم يدرس بها منذ تأسيسها سنة 1866.
اختصرت قائمة خريجي الجامعة الأميركية على رؤساء الحكومات اللبنانية (المسلمون السنّة) مثل صائب سلام وسليم الحص وتمام سلام، وانفردت الجامعة اليسوعية المسيحية بتخريج 8 من أصل 20 رئيس مسيحي مر على لبنان. ولكن بين هؤلاء هناك واحد فقط وصل إلى شهادة الدكتوراة، وهو أيوب ثابت، أما من سبقه في الرئاسة ومن خلفه، جميعهم لم ينالوا إلّا الحد الأدنى من الدراسة الجامعية واكتفوا بشهادة البكالوريوس.
وقد يكون هذا الأمر طبيعياً في الوطن العربي، حيث المناصب العليا تكون مرتبطة، في معظم الأحيان، بالقمع والفساد وهذا ما لا يقبل به المتعلمون المثقفون الجامعيون حاملو الشهادات العليا.
قريباً، قد يُضاف اسم جديد إلى أيوب ثابت في قائمة “الرؤساء الدكاترة”، في حال نجح المرشح الحالي جهاد أزعور في الوصول إلى قصر بعبدا.
بعد أيام معدودة سيكون لبنان على موعد مع انتخاباته الرئاسية المقبلة، بين مرشح حمل السلاح منذ شبابه ولم يدخل الجامعة، وهو سليمان فرنجية، ومرشح ثان درس في كبرى جامعات فرنسا والتحق بجامعة هارفارد الأميركية العريقة ليحصل على شهادة دكتوراة، وهو الدكتور جهاد أزعور.
وبما أن الدكتور أيوب ثابت كان رئيساً معيّناً في زمن الانتداب وليس منتخباً، سيكون الدكتور أزعور أعلى رؤساء الجمهورية المنتخبين علماً وشهادة في تاريخ لبنان الحديث.
بمناسبة الانتخابات المقبلة التي ستجري في 14 يونيو/حزيران دعونا ننظر إلى المستوى العلمي للرؤساء لبنان السابقين، منذ زمن الانتداب الفرنسي وإلى اليوم.
في عهد الانتداب كان العِلم، مثل كل شيء في لبنان، أفضل مما هو عليه اليوم، وهذا ما يفسر أن جميع رؤساء لبنان في حينها كانوا مثقفين جامعيين، معظمهم متخصص بالقانون.
- الرئيس الأول شارل دباس (1926-1934) درس القانون في جامعة مونبلييه الفرنسية وتخرج من جامعة باريس.
- الرئيس حبيب باشا السعد (1934-1943) خريج الجامعة اليسوعية في بيروت.
- الرئيس إميل إده (1936-1941)، خريج اليسوعية أيضاً وأكمل دراسته الجامعية في فرنسا.
- الرئيس ألفريد النقاش (1941-1943)، خريج جامعة السوربون في فرنسا.
- الرئيس الدكتور أيوب ثابت (مارس/آذار – يوليو/تموز 1943)، خريج جامعة باريس.
- الرئيس بيترو طراد (يوليو/تموز – سبتمبر/أيلول 1943)، خريج كلية الحقوق في جامعة باريس.
- الرئيس بشارة الخوري (1943-1952)، خريج كلية الحقوق في جامعة باريس سنة 1912.
وفي عهد الشيخ بشارة الخوري نال لبنان استقلاله وبدأت مرحلة الاستقرار والازدهار، وفيها تولّى عدد من الشخصيات السياسية المرموقة سدّة الحكم في بيروت، لم تختلف سوية علمهم عمن سبقهم في الحكم. - الرئيس كميل شمعون (1952-1958)، خريج كلية الحقوق في الجامعة اليسوعية سنة 1923.
- الرئيس اللواء فؤاد شهاب (1958-1964)، أول رؤساء لبنان العسكريين، خريج الكلية الحربية بدمشق سنة 1923 قبل نقلها إلى مدينة حمص.
- الرئيس شارل حلو (1964-1970)، خريج كلية الحقوق في الجامعة اليسوعية سنة 1934.
- الرئيس سليمان فرنجية (1970-1976)، جد المرشح الحالي وأول رئيس غير جامعي في لبنان، درس في مدرسة الفرير في طرابلس وتخرج من مدرسة عينطورة سنة 1924.
وفي عهد الرئيس فرنجية طبعاً بدأت الحرب الأهلية اللبنانية في أبريل/نيسان 1975، وبدأ انزلاق لبنان نحو الفوضة والخراب. - الرئيس إلياس سركيس (1976-1982)، خريج كلية الحقوق في الجامعة اليسوعية سنة 1948.
- الرئيس بشير جميل (أغسطس/آب – سبتمبر/أيلول 1982)، خريج كلية الحقوق في الجامعة اليسوعية سنة 1971، نال شهادة ثانية في العلوم السياسية عام 1973.
- الرئيس أمين جميل (1982- 1988)، خريج كلية الحقوق في الجامعة اليسوعية سنة 1965.
- الرئيس رينيه معوض (5-22 تشرين الثاني 1989)، خريج كلية الحقوق من الجامعة اليسوعية سنة 1947.
- الرئيس إلياس الهراوي (1989-1998)، ثاني رئيس غير جامعي، درس التجارة في معهد الحكمة وتخرج سنة 1947.
وفي عهد الرئيس الهراوي انتهت الحرب اللبنانية وبدأ مشروع إعادة الإعمار على يد الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الذي اغتيل في بيروت يوم 14 فبراير/شباط 2005. ومن بعد انتهاء ولاية الرئيس الهراوي بدأ أيضاً عهد الجنرالات في قصر بعبدا. - الرئيس العماد إميل لحود (1998-2007)، خريج المدرسة الحربية في الفيضاية، خضع لعدة دورات عسكرية في بريطانيا وكندا والولايات المتحدة الأميركية.
- الرئيس العماد ميشيل سليمان (2008-2014)، خريج الكلية الحربية سنة 1970، نال ليسانس في العلوم السياسية من الجامعة اللبنانية.
- الرئيس العماد ميشيل عون (2016-2022)، خريج الكلية الحربية، سلاح المدفعية، سنة 1958.
هل يصل إلى قصر بعبدا اليوم، بعد ثمانية أشهر من نهاية عهد الجنرال عون، رئيس مدني ورجل اقتصاد لا علاقة له بالمؤسسة العسكرية؟ الجواب تجدونه في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
الأكثر شعبية
