سامر الحسيني – الناس نيوز ::
“هم”، كأنهم لا يعلمون أن البلد خراب.
يتقاتلون على صلاحيات النفوذ، رغم نفاد صلاحيات الحياة.
و”نحن”، كأننا أحياء سلموا أمرهم لـ “هم”… وها “هم” يستبدلون ثلاثية “شعب وجيش ومقاومة” بحفر مقابر ثلاثية “دولة وشعب ووطن”.
لا “نحن” نثور لمواجهتهم، ولا “هم” يكفون عن مواجهتنا.
ترى هل من حل لهذا الحال؟.
أكاذيب اللبناني الشاطر والحذق والمبدع لا تشفي داء الإنهيار، بل تلغي دور الدواء.
فأي دواء يصلح الإنقسام الماروني والتبعثر السني؟.
هل بمقدور المسيحية أن تتحد، وما زال جبران باسيل يتقمص شخصية “قابيل” القاتل للأخوة والمصالحة والمحبة؟.
وهل بمقدور السنة أن تلملم نفسها بغياب سعد الحريري؟.
سؤالان والجواب واحد:
كلا.
فباسيل يصر على حلمه الرئاسي… أو “عمرو ما يكون لبنان”.
حلمه هذا تبرره وسائله المتطفلة على الذكاء السياسي.
ها هو يسعى إلى الطلاق مع حزب الله، من منطلق الإنطلاق نحو التقرب من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ونحو استعادة شعبية مسيحية لم يحافظ عليها في تفاهم مار مخايل.
بدأ مخططه العبثي باتهام السيد حسن نصرالله بنكث تعهده بمقاطعة جلسة مجلس الوزراء… وأرفق الإتهام بغزل سعودي يفضحه النفاق.
“نكث العهد” لم يثر ردة الفعل، التي كان ينتظرها باسيل… لكنه لم يفقد الأمل في نكث العهد الثاني حين انعقاد جلسة مجلس وزراء ثانية، مما يعطيه المبرر لإعلان أن ما كان بين الحزب والتيار لم يكن زواجاً مارونياً، بل كان زواج متعة انتهت مدته.
ربما يحدث ذلك استجابة إلى نصيحة قطرية تعين الأمير تميم على جبر خواطر جبران، ورفع إسمه من قائمة العار الأميركية.
إذاً، بفضل الحالة الباسيلية الحمقاء، ساد التنافس الماروني وسدت أبواب التوافق.
ويزيد الحضور الباسيلي سوءاً، غياب الحريري الأسوأ.
فإذا كان ثمة طريق للإنقاذ، فإنه يبدأ بالحريرية، التي أنقذت لبنان من حرب أهلية، لها في كل عائلة مصيبة، وفي كل شارع دمار.
بخروج الشيخ سعد، أو بإخراجه، من القرار السياسي، يخرج أهل السنة من القرار الوطني… وهذا الخروج أدى إلى قيام مجلس نيابي بلا أكثرية.
مجلس تشوهه أقليات تشوهها كيدية الأنا، وتبعية المرجعيات الخارجية.
… وبما أن الأزمة تتفاقم، وقبل أن تنتهي بنهاية لبنان، نقترح حلاً يبدأ:
أولاً، برفع حزب الله حمايته للتيار العوني، وترك جبران باسيل يعاني وحدانيته السياسية وفقره المسيحي وخسائره الشيعية.
ثانياً، بعودة سعد الحريري إلى دوره المعتاد، ليعود الإعتدال كمنقذ للإنقاذ.
ومن سوء الظن الإساءة للشيخ سعد واعتباره من بين كلهم يعني كلهم… فالرجل وحده، ولا أحد سواه، دخل السياسة فأنفق ما كان يملك، وخرج منها وقد استدان ممن كان لا يملك.
ومن التخبط العشوائي محاولات استبداله بآخر.
حاولوا… وحال الإنحياز السني إلى الحريرية دون نجاح محاولاتهم.
ثالثاً، بقانون انتخابي جديد، يُترك فيه للناخب “تفضيل” اللبناني على الطائفي. ويُترك فيه أيضاً لـ “اللوائح” نسبة وللمستقلين المنفردين نسبة.
رابعاً، بحل مجلس النواب الراهن، والمرتهن للخلافات الشخصية والحزبية، والمخالفات الدستورية والوطنية.
هذه هي أركان الحل، إذا كنا نركن إلى حل ما.
ومع فيروز نصرخ بوجه نواب النوائب:
“يا صوتي ضلك طاير… زوبع بهالضماير… خبرهن عاللي صاير… بلكي بيوعى الضمير”.
وتبقى “بلكي” مجرد أمنية… ولن نمنّي النفس بتحقيقها… لأن ذلك طويل على رقبتنا.