واشنطن – الناس نيوز ::
وجهت الولايات المتحدة تحذيراً إلى تركيا من أن علاقاتها الاقتصادية القائمة مع روسيا “تعرقل” جهود كبح الغزو الذي بدأته في فبراير الماضي على أوكرانيا، وذلك وسط بيانات تشير إلى دور أنقرة في بيع موسكو مسيّرات ومركبات مدرعة وتصدير منتجات عسكرية إليها.
وكالة “بلومبرغ” نقلت عن مصادر مطلعة قولها، إن وكيل وزارة الإرهاب والاستخبارات المالية في وزارة الخزانة الأميركية بريان نيلسون التقى مسؤولين أتراك، يومي الخميس والجمعة، لمناقشة المخاوف الأميركية بشأن زيادة الصادرات التي تشمل بيع السلع الأميركية.
وطلب المسؤولون الأميركيون من تركيا “تضييق الخناق” على تدفق البضائع إلى روسيا، محذرين من أن عشرات الملايين من الدولارات من البضائع الخاضعة للرقابة على الصادرات تصل إلى روسيا، ويمكن أن تستخدمها في تمويل صناعاتها الدفاعية لتمديد أمد الصراع.
وأثناء وجوده في مدينة إسطنبول، التقى نيلسون برابطة البنوك التركية لمناقشة تنفيذ العقوبات الدولية على روسيا بسبب حربها على أوكرانيا، إذ تعمل الخزانة الأميركية، بما في ذلك مكتب مراقبة الأصول الأجنبية، بانتظام مع القطاع الخاص للمساعدة في معالجة الأسئلة والمخاوف المتعلقة بتنفيذ العقوبات.
ويعد نيلسون ثالث مسؤول كبير من وزارة الخزانة يزور تركيا خلال عام، ما زاد الضغط على أنقرة للامتثال للعقوبات الأميركية، فيما يُتوقع إجراء المزيد من الزيارات من قبل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حول هذا الموضوع في الأسابيع المقبلة.
بدورها، نقلت وزارة الخزانة الأميركية عن نيلسون تحذيره، في بيان نشر على موقعها الإلكتروني، من استغلال أفراد أو منظمات محددة نقاط الضعف بين البلدين لنقل الأموال أو غسلها أو إخفائها.
وقال البيان إن “المسؤولية تقع على عاتقنا جميعاً، من واشنطن إلى إسطنبول، والمراكز المالية على مستوى العالم، لمعالجة نقاط الضعف في أنظمتنا المالية”.
وأضاف: “يجب أن يبدأ عملنا بجهود متضافرة لسد نقاط الضعف في أنظمة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في بلادنا، بحيث لا يمكن للجهات الفاعلة غير المشروعة، بما في ذلك المسؤولون الفاسدون والمموّلون الإرهابيون والمجرمون، الإفلات من العقاب”.
وشدد نيلسون في البيان على أن العقارات تعد من القطاعات التي لا تزال عرضة للاستغلال من قبل “جهات فاعلة غير مشروعة في كل من تركيا والولايات المتحدة”، محذراً من عمليات شراء غامضة للعقارات كوسيلة انتقالية لغسل الأموال.
وتابع: “الأسبوع الماضي، أصدرت الخزانة الأميركية تنبيهاً للقطاع الخاص في الولايات المتحدة بشأن استثمارات عقارية تجارية محتملة من قبل النخب الروسية الخاضعة للعقوبات”.
الوكالة الأميركية لفتت إلى أن المصدرين الأتراك أرسلوا سلعاً بقيمة 800 مليون دولار إلى روسيا، بما في ذلك 300 مليون دولار من الآلات و80 مليون دولار أخرى من الإلكترونيات، في الفترة الممتدة بين مارس وأكتوبر 2022.
وشملت المجالات الأخرى السفن الروسية الخاضعة للعقوبات أو الخاضعة لضوابط التصدير التي تتواصل مع الموانئ التركية.
إلى ذلك، استعرضت صحيفة “وول ستريت جورنال” بيانات تظهر أن شركات تركية صدّرت خلال العام الماضي ما قيمته عشرات الملايين من الدولارات من الآلات والإلكترونيات وقطع الغيار وغيرها من العناصر التي تحتاجها روسيا لجيشها، ما يسلط الضوء على الطرق التي تغذي فيها موسكو مجهودها الحربي رغم العقوبات.
وأظهرت البيانات أن 13 شركة تركية على الأقل صدّرت ما لا يقل عن 18.5 مليون دولار من المواد، بما في ذلك البلاستيك والمطاط والمركبات، إلا أن ما لا يقل عن 10 شركات روسية وضعتها الولايات المتحدة على قائمة العقوبات، كما أرسلت الشركات التركية ثلاث شحنات من بضائع أميركية الصنع.
وأشارت البيانات إلى أن شركات تركية أرسلت أيضاً 15 مليون دولار أخرى في شكل مصاعد ومولدات كهربائية ولوحات دوائر كهربائية أميركية الصنع وعناصر أخرى إلى روسيا، في انتهاك لضوابط التصدير الأميركية المصممة لـ”تجويع” روسيا من المعدات العسكرية الحيوية من مارس إلى أكتوبر 2022.
وتأتي زيارة نيلسون، بعد أن حذر كبار المسؤولين الأميركيين تركيا أواخر العام الماضي من أن الأتراك “قد يواجهون غرامات وعقوبات بالحبس بسبب انتهاك ضوابط التصدير الأميركية.
تُعَد التحذيرات الأميركية اختباراً لإمكانية نجاح الولايات المتحدة وحلفائها في عزل روسيا على المدى الطويل، أو إمكانية قيام موسكو بتخفيف تأثير العقوبات من خلال التجارة مع الاقتصادات الكبرى مثل تركيا والصين والهند.
وبالإضافة إلى محاولة “تجويع” روسيا من الأسلحة، يسعى المسؤولون الأميركيون أيضاً إلى قطع المصادر الروسية عن المواد الأساسية المستخدمة في صنع المعدات العسكرية.
ويستخدم المطاط، على سبيل المثال، في صناعة الألواح التي تحمي دبابات القتال الروسية من طراز T-80. وتستهدف العقوبات الأميركية وضوابط التصدير المواد البلاستيكية التي تحتاجها روسيا لبناء الدبابات والسفن والخوذات والدروع الواقية.
المسؤولون الأتراك بدورهم أشاروا مراراً إلى أن الدولة لا تطبق سوى العقوبات التي يفرضها مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وليس تلك التي تفرضها دول مثل الولايات المتحدة.
وعززت تركيا علاقاتها الاقتصادية والتجارية مع روسيا التي استفادت من علاقة شخصية قوية بين الرئيس رجب طيب أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين.
ويتمتع أردوغان بعلاقات راسخة مع كييف أيضاً، وسعى إلى جعل تركيا وسيطاً في الغزو، كما ساعد في تأمين الصفقات لاستئناف شحنات الحبوب من موانئ أوكرانيا على البحر الأسود.
وتأتي الجهود الأميركية لإغلاق شبكات المشتريات العسكرية الروسية، وسط تحذيرات من كبار المسؤولين الأوكرانيين والغربيين، من أن روسيا تستعد لهجوم جديد كبير على أوكرانيا يمكن مقارنته بهجومها الأوّلي الشامل على البلاد في فبراير 2022، فيما توقع رئيس الأمن القومي الأوكراني هذا الأسبوع أن يتم الهجوم في غضون أسابيع.