الرياض – الناس نيوز ::
التقت جريدة “الرياض” وزير البيئة والعمل المناخي في ولاية غرب أستراليا ريس ويتبي، وكان الحوار معه عن أوجه التعاون في مجالات البيئة والتغير المناخي بين المملكة وغرب أستراليا والحديث عن مبادرتي السعودية الخضراء والشرق الأوسط الأخضر والجهود المشتركة المبذولة بهذا الشأن كما تطرق الحوار عن التعاون الاقتصادي بين البلدين.
علاقات وثيقة
في البداية، حدثنا عن التغيرات في المملكة التي رأيتها وعن التشابه فيما بينها وبين بلدكم؟
إنها زيارتي الأولى للمملكة وحسب علمي تمر المملكة حالياً بفترة تغييرات تتضمن مواجهة العديد من التحديات، من ضمنها التغيير المناخي والصناعة الهيدروكربونية. وبما أني أسترالي الأصل، فمساحة أستراليا الغربية قريبة جداً من مساحة المملكة، حيث تتراوح مساحة أستراليا نحو 2.6 مليون كيلومتر مربع والمملكة 2.1 مليون كيلومتر مربع وهي مساحة كبيرة جدًا، لدينا مناخ متشابه وبيئة مماثلة كما يطبق ذلك على الصناعات مثل صناعة الوقود الغاز، وبذلك نتشارك الاهتمامات نفسها، نحن بحاجة إلى العمل معًا، وأعتقد أن لدينا فرصة جيدة للتحقيق الكثير من الإنجازات، وأستراليا الغربية بالتحديد أشبه للمملكة من حيث صناعة الوقود والغاز، ومناخها الجاف، وزراعتها مثل زراعة القمح والشعير فبالتالي، لدينا القدرة للعمل معاً، ومن المعروف، أن للدولة الأسترالية علاقة جيدة وطويلة مع عملائها في مجال التجارة والصناعة، ونحن حريصون على بناء علاقات وثيقة وطويلة الأمد مع المملكة على أساس الثقة المتبادلة، لدينا، خبرة واسعة في العديد من المجالات مثل التنقيب وصناعة الوقود والغاز، وتجديد الطاقة ولحسن لحظ أشعة الشمس وفيرة وكذلك الهواء، كما لدينا مساحة شاسعة تماماً مثل المملكة العربية السعودية، ونعتقد أنه باستطاعتنا إعادة تدوير الوقود خاصةً الغاز وسبق أن استخدمنا هذه التقنية في غرب أستراليا لتوليد الكهرباء، وهي تقنية أكثر أمناً من الفحم، وتقوم العديد من الدول باستيراد الغاز من أستراليا الغربية لسنوات طويلة، من ناحية أخرى، هناك إمكانيات ضخمة للتعاون في مجال التعليم الجامعي حيث نهدف لتأمين فرص دراسية للعديد من الطلاب السعوديين في الجامعات الأسترالية وتأمين سبل الرفاهية اللازمة ونأمل بالحفاظ على علاقات جيدة معهم بعد عودتهم إلى بلادهم والتعاون معهم في مشاريع مختلفة في المستقبل، كما نجد تشابها كبيرا في الثقافات وبعد التعرف عن قرب على الثقافتين، أني متأكد أن التقارب بين الشعبين سيكون أقوى.
تبادل الخبرات
لقد شاهدنا تعاونا أستراليا سعوديا منذ نحو خمسين عاماً، برأيك كيف يمكن تطوير هذا التعاون في المستقبل؟
نعم، لدينا علاقة طويلة، فنحن نتعاون منذ نحو 15 عاما في مبادرة التشجير في السعودية مع وكالة من غرب أستراليا تابعة للحكومة تتميّز بأبحاثها لتطوير المناطق المحلية في ظروف مناخية صعبة، وتهدف الحكومة السعودية إلى زرع نحو 50 مليارا من أنواع النباتات المختلفة في المنطقة، الأمر الذي يتطلب جهدا كبيرا وهو مشروع ملهم جداً، لذلك أؤمن أننا كأستراليين نتمتع بخبرة واسعة تسمح لنا بالمساعدة في هذال المجال، ولدينا العديد من الشركات الأسترالية والحكومية التي يمكنها المساعدة أيضاً وقد قمت بلقاء اثنين من الوزراء في حكومة المملكة، والتقيت بالعديد من الشركات في السعودية وبعض المستثمرين، وكما ذكرت سابقاً، إننا نتشارك نفس التحديات، إن تطوير بيئة صحّية وخضراء ضروري للشعب السعودي تماماً كما في غرب أستراليا، ولذلك علينا تحسين الثورة النباتية وتبادل الخبرات والمعلومات مهم جداً، من ناحية أخرى، يحتاج العالم بأسره إلى الطاقة، ولعقود طويلة، اعتمد العالم على النفط الذي يتم إنتاجه في الشرق الأوسط والمملكة العربية السعودية وغرب أستراليا، بالطبع، سيحتاج العالم دائماً إلى الطاقة إلاً أن نوعية الطاقة ستتغير وإعادة تدوير الطاقة أمر مثير لأنها أرخص ثمناً وآمنة، لذلك علينا الاستعداد لأي تغيير في هذا المجال.
الفحم أسوأ أنواع الطاقة.. وسنتوقف عن حرقه والتنقيب عنه
مواكبة التطورات
*ما السبب الرئيس لزيارتكم للمملكة؟، وهل التقيتم مسؤولي جهات حكومية معينة لعقد اتفاقيات جديدة؟
نعم، لقد فُتحت لنا الأبواب، وأنا ممتن جداً للضيافة الكريمة وقد أجرينا محادثات طويلة مع وزيرين سعوديين وأكد كلاهما أن هناك فرصا للتعاون وتطوير العلاقات، اليوم «نحن في صدد زرع البذور وهذه البذور سوف تنمو وتثمر»، سنتابع مواكبة التطورات من الجهتين، وأنا أول وزير يقوم بزيارة المملكة العربية السعودية منذ انتشار وباء كورونا، وأنا سعيد بوجودي هنا اليوم، وأنصح زملائي الوزراء بزيارة المملكة في أقرب وقت، نحن لسنا متنافسين بل متعاونين ونستطيع العمل معاً لأن السوق العالمي ضخم ونستطيع العمل معاً لنتشارك الخبرات والمعلومات لتأمين الطاقة التي يحتاجها العالم والعالم في حالة تغيير في كل المجالات، التجارة والنفط، أنه عصر البيئة الخضراء وعلينا حماية هذه البيئة الأمر المهم لجميع الناس.
خدمات استشارية
كيف تصف لنا العلاقات التجارية والصناعية بين المملكة واستراليا؟، وهل هناك مبادرات جديدة؟
بالتأكيد، نقدّم خدمات استشارية لمشروع متنزه الملك سلمان ولشركائنا، لأننا نملك 50 عاما من الخبرة في التطوير، وحالياً نتعاون على مشروع حديقة الملك سلمان ومبادرة التشجير السعودية وهنالك المزيد من المشاريع مثل نيوم، حيث يتم استيراد أشجار من أستراليا المعروفة بأشجار بوويب والتي تخزّن كمية كبيرة من الماء، وهي تشبه الأباريق، وهناك العديد من الخبراء الأستراليين الذين يشرفون على مشروع نيوم، والبريطانيون في المقام الأول ومن ثم الأستراليين، ويعد هذا تعاونا كبيرا في الخبرات واعتراف بجدارة الخبرات الأسترالية، وهو مشروع هائل والعالم بأسره يترقّب نجاحه ومشروع يحترم ويخدم معالم البيئة.
رؤية 2030
ما مشاركة الدولة الأسترالية في رؤية 2030 من ناحية القطاع التجاري؟
أستطيع التحدث عن أستراليا الغربية كوني لست من ضمن الحكومة الوطنية بل الفرعية، وتتميز غرب أستراليا بعلاقة القوية مع المملكة في مجال الزراعة والتصدير والمنتجات الغذائية، نحن من أكبر المنقبين في العالم ليس فقط للنفط والغاز ولكن أيضاً للمعادن ولدينا 52 % من مجموع الليثيوم، الذي تحتاجه المركبات الكهربائية، وهناك فرص متعدّدة بالنسبة لرؤية 2030 ولقد تباحثنا حول موضوع النفايات والحد من استهلاك الوقود، ولدينا في أستراليا الغربية العديد من الشركات المتخصّصة في الحد من استهلاك الطاقة وإعادة تكرير النفايات والبلاستيك وفيما يخص إعادة التكرير ومشاريع التشجير والمواد الغذائية والمعادن، ولدينا الكثير من المشاريع والتمويل، جاهز لمباشرة هذه المشاريع، ولهذا السبب تعد أستراليا من أفضل المساهمين بفضل خبراتها في تحقيق هذه أهداف رؤية 2030.
بيئة خضراء
لقد أثبتت المملكة إعلامياً وعالمياً موقفها من خلال دعوة ولي العهد لسعودية الخضراء وشرق أوسط أخضر، كيف ترى ذلك؟
أعتقد أن المعتقدات قد تغيرت حول العالم، في السابق كنا ننظر إلى السعودية كمورد أساسي للنفط واليوم تغيرت هذه الفكرة، رسالتي التي أحملها اليوم إلى بلدي، هي أن السعودية اليوم المكان الذي يجب زيارته حين نتكلم عن البيئة الخضراء وإعادة التكرير والحفاظ على البيئة، واستثماراتها في هذا المجال هائلة، إنها بلا شك صرخة توعية للعالم بما في ذلك أستراليا.
وعي أكبر
ما مسؤولية العالم أمام تضرر المناخ؟
هناك آراء مختلفة حول التغيير المناخي ويعتبر البعض أنه غير صحيح، ولكن نلاحظ اليوم وعيا أكبر حول هذا الموضوع، وقد استوعب معظم الناس حول العالم، لا سيما في المملكة وأستراليا، أنه واقع، وعلينا اتخاذ الإجراءات اللازمة للحفاظ على المناخ من 2020 و2030 والهدف هو الوصول إلى نتيجة في 2050، بالتأكيد لعب مجال الصناعة دور أساسي في تغيير المناخ والتسبّب بالتلوث ولذلك علينا التعاون معاً للحفاظ على البيئة وسوف يساعد إعادة التكرير وتدوير الطاقة في حل هذه المشكلة.
برأيك، ما التكلفة العامة لحل مشكلة تلوث البيئة عالمياً؟
سنحتاج إلى التريليونات من الدولارات، لذلك علينا التعاون معاً وعلى جميع دولة المشاركة، قد يكون المبلغ كبير إلاً أن النتيجة أهم من الاستثمار، الحفاظ على البيئة والثروة الحيوانية هو الثروة الحقيقية.
تقليل حرق الفحم
برأيك، كيف يتأقلم الرأي العالمي مع تغيير المناخ؟
إليك مثال بسيط كيف تعاملت أستراليا مع تغيير المناخ، أحد التغيرات الضرورية هو تقليل حرق الفحم في غرب أستراليا، وتتواجد مناجم الفحم في مدينة كولي الصغيرة وقد قمنا بترتيبات للحد من حرق الفحم ونهدف في سنة 2030 للتوقف كلياً عن القيام بذلك، قمنا استثمار مئات الملايين من الدولارات لتأمين فرص عمل جديدة واليوم المدينة في حالة ازدهار، وبذلك استبدلنا الفحم بصناعات جديدة وتقنيات متطورة، واليوم الغابات كثيفة والبيئة جميلة، حيث تجني مدينة كولي اليوم أموال طائلة، بدلاً من قطع الأشجار لجني الأموال، ويحافظون عليها وهي مصدر سياحي يساعدهم على اكتساب السياح وجني المزيد من الأموال، الأمر الذي يمكن تطبيقه في المملكة العربية السعودية.
بدائل مثالية
تتجه بعض الدول إلى استخراج الطاقة من الفحم الحجري، مما ينتج عنه سلبيات كثيرة تضر في المناخ، اقتراحكم في مواجهة هذا الاستخدام وكيفية حماية العالم من هذا التلوث؟ وما البديل المناسب للفحم الحجري؟
الفحم هو من أسوأ أنواع الطاقة، أسوأ من النفط والغاز، وقد اتخذنا قرارا للتوقف عن حرقه والتنقيب له واستخدامه، وفي عام 2030 سوف نغلق آخر منجم للفحم، البدائل المثالية هي الطاقة الشمسية والهواء إنما لا يمكن الاعتماد عليهما طوال الوقت، لذلك، هناك حاجة إلى وقود بديلة مثل الهيدروجين وغيرها التي يمكن تطويرها كطاقة انتقالية، وفي غرب أستراليا لدينا مخزون وفير من الغاز الطبيعي وبرأيي هي الوقود البديلة في هذه المرحلة الانتقالية، إنه أنظف من الفحم ونحتاج إلى بذل المزيد من الجهد تكنولوجياً لمعالجته بالشكل الصحيح، والغاز هو وقود مؤقتة ونسعى إلى الاعتماد كلياً على الطاقة المتجددة وغير الأحفورية فيما يمكن تخزين الكربون تحت الأرض واستخدام ثاني أكسيد الكربون كوقود وتطوير مضخات خاصة لاستخراجها، الحل المثالي برأي هو الطاقة المجددة من الشمس والهواء والهيدروجين، هذا ما نسعى إليه في المستقبل ومن الأفضل التوقف عن استخدام الفحم أولاً.