د . حسين عيسى – الناس نيوز ::
انفجرت القاعة بالضحك، ما إن بدأ الشاب العبقري محمد علي بتقديم أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه في هندسة البرمجيات، في جامعة هارفرد، قائلاً: هذه هي أطروحتي، ثم اخرج من جيبة كلسوناً نسائياً أنيقاً!
وكلما تقدم العبقري محمد علي في دفاعه عن كلسونه النسائي، كان جو القاعة يتراجع شيئاً فشيئاً من الضحك والمرح الى نوع من الاستهجان ثم انقبضت القاعة على تجهم صامت أخيراً .
وحده البروفسور الكسندر موني، أحد اساتذة محمد علي، من التقط الثورية الاستثنائية لهذا الاختراع الالكتروني، وشم على الفور رائحة الثروة التي ستتكدس بفضل رائحة هذا الكلسون النسائي المعجزة في القريب العاجل.
الوقت ثمين ولم يُهدر منه كلسون واحد، إذ تمكن البروفسور موني والشاب العبقري محمد علي من إقناع واحدة من أشهر الشركات العالمية المتخصصة في انتاج الثياب النسائية الداخلية، بتبني هذا المنتج. وعلى الفور، شنّت الشركة حملة ترويج انفقت عليها ملايين الدولارات، حتى قبل ان تطرح كلسونها هذا في الأسواق.
وكما هي العادة دوماً، مع كل جديد، ارتجّ المجتمع، واخترقته نقاشات حادة وعنيفة، مع موجات ارتدادية، وكأنما تسونامي عظيم باغت الجميع على غفلة منهم. ولم يتورّع أحد عن المشاركة في هذه المعمعة: فقهاء من مختلف الأصناف، ومفكرون من اليسار واليمين والوسط، أساتذة جامعات، طلبة من كل الاحجام والاعمار، سائقو السيارات، بائعو البسطات، بائعو الخضرة، قوادون وبنات ليل، بحبش نبش على كيفك، أبناء سبيل وأبناء زنا، الدوائر الحكومية والمربعات الأمنية، وزارة الثقافة والتراث والفولكور الشعبي، وزارة الدفاع والطبخ الشرقي، الخ.
كثيراً من الناشطات والمدافعات عن حقوق المرأة وصفن هذا الكلسون بأنه ليس أكثر من انتاج عصري لحزام العفة الحديدي سيّء السمعة. غير ان بعض الفقهاء وجدوا فيه حلاً مثالياً لمسألة طالما أرقت مفكري هذه الأمة وقادتها العظام، فكلسون العفة هذا مزود بقفل إلكتروني، ديجيتال، يتحكم بفتحه وإقفاله أحد الأبوين او الزوج حصراً، عبر دارة إلكترونية خاصة تربط الكلسون مع هواتفهم النقالة. فلا تتمكن الانثى من الذهاب الى المرحاض دون اذن من ابويها او زوجها.
إلا أن هذه النقطة بالتحديد اثارت غضب الناشطات والناشطين المدافعين عن حقوق المرأة، ورأوا فيها اتهاماً صريحاً للمرأة في عفتها، وقالوا إن من الأفضل لو أنهم صنعوا رسناً إلكترونياً يربط الأعضاء الذكرية الفلتانة على بنات الناس وتقوم على الفاضي والمليان في كل مكان.. الخ.
كما هي العادة ايضاً، يغلي المجتمع ويغلي، ثم لا يبقى في النهاية سوى حطام فخار كسّر بعضه بعضاً، وتمل الناس وتغدو أميل لتقبل كلسون عفة الكتروني، ديجيتال، أو غيره.
ولكن لا بد من الاشارة الى أن الحياء الاجتماعي العام فرض تغيير الاسم، فأصبح ذاك الكلسون يعرف بوشاح العفاف الرقمي أو الديجتال، أو بالوشاح أف.
وعندما طرحت الشركة الجيل السادس عشر من هذا الوشاح الديجيتال (أف 16) كانت قبل ذلك قد استشارت هيئات كثيرة، منها هيئة الامر بالوشاح والنهي عن الهاكر(هيئة فقهية متخصصة في التاريخ الديني للعفة)، وقوات التدخل السريع، ومهندسي الاستشعار عن بعد، وكثير غيرها، فأضافت له كثير من الميزات التي لم تكن متوفرة في الجيل السابق (أف 15).
مثلاً بات مزوداً بآلة تصوير فائقة الجودة، موصولة بقاعدة بيانات خاصة تشمل بصمات الاعضاء الذكرية لأبناء الامة كلها، كما اضافوا مكيف تبريد وجهاز تحليل للبول، وجهاز يقيس رطوبة المهبل وحرارته، وتجمع كل هذه المعلومات وتضاف الى قاعدة بيانات صارمة يسهر على تحليلها مجموعة من علماء الامة المتخصصين في الهندسة الرقمية للوشاح أف، وبإمكان كل أب أو زوج ان يدخل الى قاعدة البيانات هذه ويحصل على تقرير تفصيلي ودقيق، يرصد ويترصد أي حركة لأصغر شعرة في تلك المنطقة.
كما أمسى الوشاح مزوداً بقاتل للفيروسات التي تحاول تعمية دارة الاتصال الالكترونية الموصولة بهواتف الاباء او الازواج، وترتبط في الوقت نفسه مع هيئة رعاية العفاف الاجتماعي، وبجهاز للإنذار المبكر يمكّن الشرطة الوقائية والجهات المختصة بالتدخل السريع قبل وقوع الكارثة! كما أنه يمكّن هيئة العفاف القومي من ملاحقة هاكر العفة.
وللحقيقة، فقد شب نوع من سباق التسلح بين الشركة المنتجة، وشركات كسر الاقفال الالكترونية وهاكر البرمجيات…الخ كلفت مليارات الدولارات.
أما من ناحية المتانة فقد قدمت أشهر شركة لصناعة السترات الواقية من الرصاص خدماتها الجليلة، بعد ان استحدثت فرعاً متخصصاً في صناعة الكلاسين الرقمية الواقية من الرصاص، وقبضت ملايين الدولارات.
ولكن حدثاً جللاً كان في الانتظار! ففي اللحظة التي طرحت فيها الشركة وشاح العفة الشبح (أف 35)، لاحظ العلماء أمراً غريباً: لم تتزاحم الفتيات ولا الاباء ولا الازواج على منافذ البيع كالعادة…ماذا حدث؟! ألا تريد الفتيات أن يتباهين باقتناء النسخة الجديدة والأحدث من العفة، (طريقهن كي ينفقن في سوق الزواج الكاسد نسبياً)، وهل توقف الاباء، عن التباهي عند تزويج بناتهم قائلين أمام أهل العريس، بأن ابنتهم فطمت على الوشاح أف 35، وأن عفتها حرستها أثمن الاوشحة …ماذا حدث؟
شركة أخرى، وما أخبثها! كانت قد استبقت طرح وشاح العفة أف 35، وملأت الاسواق، بمنتجها الجديد: الفتاة الرقمية الالكترونية (اواكس1)، وهي من ابتكار الشاب العبقري محمد علي الثاني…وهكذا بطرفة عين اختفى عن الانظار مجتمع بكاملة.