لندن – كانبيرا – الناس نيوز ::
وقعت بريطانيا اتفاقا للانضمام إلى تحالف تجاري يضم عدة دول في آسيا والمحيط الهادئ، ومن بينها اليابان وأستراليا.
وتمثل اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ، التي تعرف رسميا باسم طويل نسبيا هو (الاتفاق الشامل والتقدمي للشراكة العابرة للمحيط الهادئ، CPTPP) ناديا تجاريا جديدا يضم عدة دول يبلغ إجمالي سكانها 500 مليون شخص، وهو ما سيمكن بريطانيا من الوصول إلى هذه الأسواق.
إذن ما هو هذا التحالف التجاري، وماذا يعني لثروات الشركات والعائلات البريطانية؟
أولا: ما هي اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ CPTPP؟
تمثل اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ (الاتفاق الشامل والتقدمي للشراكة العابرة للمحيط الهادئ)، ناديا للتعاون التجاري بين الدول، يضم11 دولة، هي: أستراليا، بروناي، كندا، تشيلي، اليابان، ماليزيا، المكسيك، نيوزيلندا، بيرو، سنغافورة وفيتنام.
وقد وقع الأعضاء المؤسسون على اتفاقية التجارة في المحيط الهادئ في مارس/آذار 2018، ويمثل دخل تلك الدول نحو 13 في المئة من إجمالي الدخل العالمي.
وأصبحت بريطانيا أول دولة غير مؤسسة لهذا التكتل تلتحق به، وستكون ثاني أكبر اقتصاد فيه بعد اليابان، مما سيرفع القيمة المالية لهذا النادي لتصل إلى 11 تريليون جنيه إسترليني.
ماذا ستستفيد بريطانيا من الانضمام هذه الاتفاقية؟
ستكون المكاسب هامشية على المدى القصير.
فبريطانيا لديها بالفعل صفقات مع غالبية هذه الدول كجزء من عضويتها في الاتحاد الأوروبي، الذي تركته.
ومنذ خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، أضافت بريطانيا دولا مثل أستراليا ونيوزيلندا إلى حصيلة صفقاتها التجارية.
لكن لم تعقد بريطانيا اتفاقيات تجارية مع بروناي وماليزيا، وتمثل هاتان الدولتان أقل من 0.5 في المئة من إجمالي تجارة بريطانيا مع العالم.
حتى مع بعض التغييرات في الترتيبات التجارية مع الدول الأخرى، من المتوقع أن تكون مكاسب بريطانيا من الاتفاقية صغيرة إلى حد ما، وستسهم في الناتج المحلي الإجمالي بنسبة لا تزيد عن 0.08 في المئة على مدى 10 سنوات، وفقا لأفضل تقديرات الحكومة البريطانية.
ومع ذلك، يشبه وزير الأعمال والتجارة البريطاني هذا النادي بأنه مازال ناشئا، مما يشير إلى أن التقديرات لا تأخذ في الحسبان حقيقة أن بعض الأعضاء- مثل فيتنام- تزداد أهميتهم بسرعة في التجارة العالمية.
وعلى الرغم من ذلك، يعتقد المتنبئون المستقلون في الحكومة أن الخروج من الاتحاد الأوروبي، سيؤدي إلى خفض نمو بريطانيا بنسبة أكبر بكثير، ربما 4 في المئة.
وفي المجموع، استحوذت دول اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ، على 8 في المئة من صادرات بريطانيا عام 2019، وهو أقل من صادرات بريطانيا لألمانيا وحدها.
ما هي التغييرات؟
الميزة الرئيسية لهذا النادي هي زيادة الوصول إلى أسواق الأعضاء فيه بعضهم مع بعض، والتعهد بإلغاء أو خفض 95 في المئة من رسوم الاستيراد أو التعريفات.
لكن يتم الاحتفاظ ببعضها لحماية الأنشطة الاقتصادية المحلية الحساسة لكل دولة، مثل صناعة زراعة الأرز في اليابان.
و يمكن للمصنعين الذين يستوردون مستلزمات ومكونات إنتاج من أماكن مختلفة متعددة، أيضا، أن يدفعوا بأن منتجاتهم مؤهلة للحصول على معاملة تفضيلية.
وهذا يعني أنه يمكنهم وضع علامة على ما يسمى “قواعد المنشأ” على منتجاتهم، طالما أن 70 في المئة من مكونات هذه المنتجات تأتي من بلدان مشاركة في الاتفاقية.
كما يمكن لبنود الاتفاقية أن تساعد منتجين للمعدات والآلات والأدوية في بريطانيا، وهي تمثل أهم الصادرات البريطانية إلى دول التكتل، وستساهم في خفض تكاليف الإنتاج والسماح للمنتجين بتوسيع سلاسل التوريد الخاصة بهم في هذه البلدان.
وبعيدا عن التجارة، تعني العضوية أن المستثمرين من دول هذا النادي التجاري، سيحصلون على المعاملة نفسها التي تحصل عليها الشركات المحلية عندما يستثمرون أموالا في مشاريع في أي دولة من الدول الأعضاء، وهو ما قد يفيد الشركات البريطانية.
في عام 2017، ساهمت دول النادي بحوالي 1 جنيه إسترليني من كل 12 جنيها إسترلينيا تم استثمارها بالفعل في بريطانيا، ومما يدعم الأعمال والوظائف.
وفي المقابل، يجب على الدول أن تتعاون بشأن اللوائح، مثل المعايير المعتمدة بشأن الغذاء.
ومع ذلك، على عكس الاتحاد الأوروبي، فإن هذا النادي ليس سوقا واحدة ولا اتحادا جمركيا.
لذلك لا يُطلب أن تكون ثمة لوائح ومعايير متطابقة لدى جميع الدول الأعضاء.
ويمكن للبلدان أن تعقد صفقاتها التجارية الخاصة بحرية مع البلدان الأخرى، مثلما تفعل بريطانيا مع دول الاتحاد الأوروبي، على الرغم من أن عضوية الناديين تكون متسقة مع إعادة الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي نفسه.
ما هي المخاوف؟
باختصار، ما الثمن الذي دفعته بريطانيا ليتم القبول بها؟
يرغب البعض، بما في ذلك أعضاء لجنة مجلس اللوردات، في معرفة كيف تنوي بريطانيا، على سبيل المثال، ضمان تلبية معايير رعاية البيئة والحيوان.
وأشارت الحكومة البريطانية إلى أن النادي يسمح للأعضاء بتحديد مستويات الحماية الخاصة بهم ولن يضر ذلك بمعايير بريطانيا.
وكجزء من الاتفاقية، ستمنح بريطانيا المزارعين الكنديين المزيد من فرص الوصول إلى أسواقها، لكن اللحوم المعالجة بالهرمونات ستظل محظورة.
كما أنها ستفرض رسوما جمركية أقل على واردات زيت النخيل الماليزي، والذي يتسبب إنتاجه في ضرر للبيئة لأنه يؤدي إلى إزالة الغابات. وتصل الرسوم التي تفرضها بريطانيا حاليا إلى 12٪ في المئة.
وأعربت النقابات العمالية عن مخاوفها من أن الخطط لتشجيع المزيد من الاستثمار قد تسمح للشركات متعددة الجنسيات بتحدي السياسات البريطانية بشكل قانوني، على الرغم من أن خبراء التجارة يقولون إن هناك صفقات تجارية أخرى قد تسمح بهذا التحدي أيضا لكنها لم تنجح من قبل.
ماذا عن المستقبل؟
ستتم مراجعة المعاهدة والتصديق عليها من جانب الأعضاء قبل دخولها حيز التنفيذ، الأمر الذي قد يستغرق سنة على الأقل. ومفتاح هذه المراجعة هي الامكانيات المستقبلية التي ستتحقق عبر هذه الشراكة.
ستخفف الاتفاقية القيود المفروضة على الخدمات والتجارة الرقمية، والتي تتناسب مع طموحات بريطانيا، وتربطها ببعض الدول الأسرع نموا.
لكن أكبر المكافآت وكذلك التحديات، يمكن أن تحدث إذا انضم آخرون إلى النادي.
فالصين من بين الدول التي تتنافس على الاشتراك، وكذلك تايوان.
فهل تستطيع بريطانيا رفض عضوية الصين؟ أم استخدام عضويتها لتتحكم في وصول الصين للنادي وطموحاتها من خلاله؟
ستكون الجائزة الحقيقية إذا تراجعت الولايات المتحدة عن القرار الذي اتخذه الرئيس ترامب بعدم الاشتراك، ولا يبدو أن عضوية النادي في بؤرة اهتمام الرئيس الحالي جو بايدن.
وفي الوقت الحاضر، تعد عضوية اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ، فوزا رمزيا بشكل أساسي لبريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي.
لكن في النهاية يمكن أن تحقق لها مكافآت كبيرة.