بيروت – لندن – الناس نيوز :
دراما يشارك فيها أبونا الخوري جبرائيل، وأم ثكلى، وشهيد من الأقليات، وشهداء من الأكثرية، وامرأة فرنسية تستعيد سوريتها، وسوري يريد التخلي عن سوريته ويرحل إلى حيث يجد نفسه، وامرأة عاشقة لا تجد نفسها إلا في بلدها ولو كان ركاماً، وناشط يريد أن يغيّر هذا كله، ويبدأ ثورة من جديد، ولو من عدم، وتاجر مجوهرات طيب وفاسق.
وصانعو الخراب؛ “س” ومسؤولون كبار يختبئون في قعر الدولة العميقة وربما من الحلقة الضيقة، وحَمَلَة ملفّات، و”رجلنا” في القصر الجمهوري، وناطق باسم المخابرات.
تعيد رواية “يوم الحساب” الاعتبار للوطن المنكوب، وتطرح أسئلة الثورة والدين والعدالة والتاريخ والحرب والحب، في جحيم العمل السري والمداهمات والأجهزة الأمنية والموت والقبور، وأكذوبة تقسيم الشعب إلى أكثرية وأقليّات.
لن تذهب الرواية إلى النهايات، إنها عالقة في زمن صعب. ولن نتنبأ في عالم تغيب عنه العدالة، وبلد هو ساحة قتل وقتال، ونظام منخور بالفساد حتى العظم، يسري النهب في دمه.
رواية عن توثيق الألم، تغوص في مجاهل النظام الشمولي وتخترق خطوطه الخلفية. رواية عن هذا الزمان، لا تنزاح عنه، وجهاً لوجه، لا يغيب الله عن السماء المُدلهِمة، ولا عن الأرض الدامية، حيث تتساوى المقابر، كما تتساوى الضحايا.
رواية لا تنتظر التاريخ والمؤرِّخين، مضادة لسردية النظام، تكتب نفسها بنفسها، تنقّب في حقائق مُضيّعة، وأنصاف الحقائق، وما نالها من تشويه وشبهات، في أوساط تعمل على تصنيع بدائل عنها.
ترى ما تكون الحقيقة؟ إنها في البحث عنها!
من الرواية:
فكّر أن يطيل باله عليها، مهما يكن فهي أم فقدت ابنها، وربما كانت ثكلى وهي لا تدري. سيخاطبها بكلام رقيق جداً، لتتفهم واقع البلد، فهي تسكن فيه، لا في بلد آخر، يجب أن يكون هذا في حسبانها:
“يا أم جورج، ما سأقوله لك، لا يجوز إخفاؤه عنك، إذا كان هناك ذنب فهو ذنبنا، وإذا كان خطأ فهو خطؤنا. لا عذر لنا، المسؤولون حذّرونا، وقالوها بجلاء ما بعده جلاء؛ لا للفوضى، في حال ساعدتم عصابات الإرهابيين؛ سنعاملكم مثلهم، لن نميز بينكم وبينهم. لن نسامحهم ولن نسامحكم، إذا علّقنا مشانقهم، فسوف نعلّق مشانقكم إلى جوارهم. لم يكذبوا، عاملونا بالحسنى معاملة خاصة، ولم يضيّقوا علينا. وإذا كانوا قد ضيّقوا على غيرنا؛ فلأنهم لم يأبهوا بتحذيراتهم”.
“يا أبونا، ألا تشمل المعاملة الخاصة ابني؟”.
انزعج؛ بعد هذا الكلام، أهذا سؤال؟
“ما الذي تقولينه؟ جورج شارك بالمظاهرات، إن لم يكن بأكثر”.
“جورج مهما كبر فهو ولد”.
“قولي لي، لماذا يريد إسقاط النظام؟”.
“لا أعرف”.
“إذا كنت لا تعرفين، فهو يعرف، ويعرف ما الذي سيحدث له، وهو المسؤول عمّا جرى له”.
“لكن يا أبونا…”.
“لا تقاطعيني، لمّحتُ لهذا في عظات الأحد. الجميع فهمها. ألم تسمعيها يا أم جورج؟”.
“جورج لم يسمعها. تعلمْ، كان في فرنسا”.
“كيف سمع بالثورة؟”.
فلم تُحِر أم جورج جواباً، ليس لأنها لا تعرف، السؤال يستدعي الصمت، أبونا لا يجهل أنها ليست غشيمة، لكنها تستغشمه، ولم يكن تشبثها برأيها إلا لأن ذكاءها يعادل ذكاء رجل ونصف، وتعرف ما لها، لكن هل تعرف ما عليها؟ أضاف سبباً جوهرياً لتكف عن عنادها:
“النظام حامينا، حامي الأقليات”.