محمد برو – الناس نيوز :
أخيراً أبصرت النور، مجلة “تاريخ دمشق” التي توثيق لأقدم عاصمة مأهولة في التاريخ، هي مجلة أبحاثها محكمة، تصدر مرتين في العام بإشراف أكاديميين سوريين، ففي عام 2017 تم تأسيس “مؤسسة تاريخ دمشق” بقصد العمل على توثيق تفاصيل ومكونات هذه المدينة التاريخية العريقة والاهتمام بهويتها التي تشكلت عبر العصور، وما نتج عن هذا التنوع الغني من الحضارات والممالك التي تعاقبت عليها، وقد ضمت المجلة في صفحاتها التي جاوزت 320 صفحةً، جملة منتقاة بعناية من الأبحاث والدراسات المحكمة، وهي عشرة محاور تحدثت عن دمشق في عهودها الموغلة في القدم.
• “دمشق الآراميَّة – التَّشكُّل والاسم والمعنى والتَّاريخ” للأستاذ الدكتور جبّاع سيف الدين قابلو
ويتحدث البحث عن دمشق في عهد مملكة آرام دمشق، في الفترة الواقعة بين منتصف القرن العاشر ومنتصف القرن السادس قبل الميلاد، حيث بلغت دمشق وقتها درجةً من القوة والسيطرة، مكنتها من تسيّد المشهد في الجغرافيا السورية الفلسطينية، ومواجهة المد الآشوري غرب نهر الفرات، وكانت يومها قوةً يحسب حسابها لإشرافها على شبكة مهمة من الطرق التجارية، في بلاد الرافدين والأناضول وسواحل البحر المتوسط وجنوب بلاد الشام، وكان الاعتماد في هذا البحث على المصادر الآشورية بالدرجة الأولى تليها المصادر الآرامية.
• “دمشق وإمارات حوران (الجنوب السوري) في الألف الثاني قبل الميلاد للدكتور “عبد الله السليمان
يدور البحث حول ما ذهبت إليه نتائج المسوحات الأثرية، التي أكدت أنَّ منطقتي حوران ودمشق كانتا من أغنى المناطق، وأكثرها ازدهاراً حضارياً، وقد كان لافتتان البعثات الأثرية الغربية بالكنز المسماري، الذي تم اكتشافه في منطقة الجزيرة السورية، وعلى ضفتي الفرات، بالغ الأثر في انصرافهم عن منطقة حوران ودمشق، باستثناء مدينة بصرى، ويستعرض العلاقات السياسية التي ربطت دمشق بإمارة حوران، وعلاقة الجنوب السوري عامةً بالإمبراطورية الفرعونية في مصر، حيث كانت دمشق واضحة الولاء لفرعون مصر، بينما كانت إمارة حوران متمردة عليه، إلى أن انتهت تلك التبعية والسيطرة على جنوبي بلاد الشام في عهد رمسيس الثالث.
• “مؤلَّفات تاريخ مدينة دمشق عبر العصور” للأستاذ الدكتور عمار محمد النهار
يستعرض هذا البحث أشهر المدونات التاريخية وأولها، حيث كان ذلك بأمر الخليفة معاوية بن أبي سفيان، حين أمر المدونين لديه بتدوين حديث عبيدة بن شرية الجرهمي عن أخبار الأمم والممالك، وسماه “كتاب الأمثال” وكتاب “الملوك وأخبار الماضين”، وقد عدوا ما يزيد عن مئتي مؤرخ من بلاد الشام، عملوا على هذا العلم وكان لهم فيه ما يقارب 350 مؤلفاً ضاع معظمها، وقد اشتهر مؤرخو دمشق بكتب الفضائل، التي تفرد لكل مدينةٍ بحثاً أو صفحات تتحدث عن خصائصها وفضائلها.
• “من دمشق الشام إلى قرطبة الأندلس، عبد الرحمن الداخل وعبقرية الحضارة” للأستاذ الدكتور رضوان الداية
في هذا الباب الجميل يذهب بنا د. رضوان الداية في رحلةٍ مشوقةٍ يستعرض فيها تلك الأواصر الحميمة، التي ربطت بين دمشق والأندلس، وما كان لقرطبة ودمشق من عظيم أثر في تدفق قنوات العلم والمعرفة بينهما، وكيف انتقلت مهارات الإدارة وأساليب الحكم من دمشق إلى حاضرة الأندلس، حين أسس صقر قريش عبد الرحمن الداخل دولته الأموية في الأندلس، فكان مزجاً عبقريا فريداً، أوصل الأندلس إلى ما وصلت إليه من سيادةٍ ونهضةٍ وبدعةٍ في العمران.
• “رحلة إلى دمشق في القرن السابع عشر”، نصوص للرحالة الفرنسي جان دي تيفنو للدكتور أحمد إيبش
في هذا الفصل يقدم لنا د. أحمد إيبش حكايةً مثيرةً، عن الرحالة الفرنسي جان دي تيفنو، المعنونة “رحلة إلى الشرق” (1663-1667)، والتي كانت بحق من أهم الرحلات الغربية في النصف الثاني من القرن السابع عشر، وقد كانت رحلته ومدوناته عنها غنيةً بالحقائق التاريخية المهمة، والمعلومات الجغرافية والاقتصادية والاجتماعية القيّمة، والنوادر المتنوعة، وقد ترجم منها الشطر الخاص بالأناضول والعراق والخليج العربي، وفيه يحكي قصة مروره في حلب ودمشق، والمحزن في الأمر أن رحالتنا الفرنسي مات خلال تلك الرحلة سنة 1667 في مدينة تبريز الإيرانية، ولم تكن لتلك الرحلة من هدف، خلا حبه العارم للسفر والتمتع بمشاهدة البلدان، على تنوعها واختلاف فنونها وطباع أهلها وطرائفهم، وقد كان لغوياً لامعاً يجيد العربية والفارسية والتركية، إضافة للغته الفرنسية، وكان كتابه عن تلك “الرحلة” مقسماً إلى عدة أجزاء، وهو يحفل بأدق التفاصيل والملاحظات التي لا تغفل عنها عين الخبير الحاذق.
كما يشمل العدد الغني من هذه المجلة بأبواب لا يتسع المقام لعرضها، وقد جاءت على النحو التالي
• “الوسط الجغرافي لمدينة دمشق” للأستاذ الدكتور عادل عبد السلام.
• “صورة دمشق في أدب الرَّحَّالة المغاربة– نفح الطيب للمعري التلمساني أنموذجاً” للدكتور محمود الحسن
• “مُفتي الشَّام محمود أفندي الحمزاوي، حياته وعصره ودوره في أحداث عام 1860” للدكتور سامي مبيّض
• “مكتبة الشيخ بدر الدين الحسني التاريخ والواقع” للأستاذ إياد خالد الطبّاع
• “مدخل إلى حركة التعليم بدمشق– في القرن العشرين” للدكتور نزار أباظة