د. رضوان زيادة – الناس نيوز :
انتهت مفاوضات جنيف كما توقع الكثير من السوريين إلى فشل ذريع مع نهاية الجولة السابعة، والفشل هنا لا يعني توقف المفاوضات فحسب وإنما الفشل هنا يعني عدم قدرة هذه المفاوضات على البدء حتى بمفاوضات جادة لها معنى من أجل حل الأزمة السورية، لم يكن ذلك بالمستغرب على النظام في سوريا، طبعاً الذي لم يعترف أصلاً بهسوريذه المفاوضات، وإنما كل هدفه إعادة السيطرة على المناطق التي سيطرت عليها المعارضة خلال السنوات السابقة بكل الطرق الممكنة بما فيها اللجوء إلى قوى احتلال أجنبي روسية وإيرانية لطرد من تبقى من السوريين من وطنهم.
لكن الطريف هنا هو أن الأمم المتحدة كمنظمة دولية تتكون من مؤسسات ذات هيكلية مختلفة من مجلس الأمن إلى الجمعية العامة إلى الوكالات المختلفة كلها لم تستطع أن تعطي انطباعاً للسوريين بأنها تقوم بكل ما تستطيع من أجل إنقاذ هذا البلد الغريق، بل ما يطغى في وسائل الإعلام هو قدرة نظام الأسد على الاستفادة من المعونات المقدمة من وكالات الأمم المتحدة من أجل الاستمرار في حربه ضد السوريين، أو فشل الأمم المتحدة في عقد المفاوضات العبثية في جنيف.
منذ عام 2012، اعتمد المجلس 17 قراراً أممياً بشأن سوريا أو متعلقاً بشكل كبير بسوريا. كما استخدمت روسيا حق النقض الفيتو 13 مرة لقرارات تتعلق بسوريا تمنع فيها إدانة النظام في سوريا أو السماح لمحكمة الجنايات الدولية بالتحقيق في جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في سوريا.
أما الجمعية العامة للأمم المتحدة، حيث لا وجود لحق النقض الفيتو، فقد أصدرت أكثر من سبعة قرارات بشأن حقوق الإنسان في سوريا.
لن ندخل في تفاصيل أكثر فيما يتعلق بقرارات مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة الخاصة بسوريا، إذ يبلغ عددها 25 قراراً بدءاً من أول قرار صدر عن المجلس في نيسان/أبريل2011 والذي أدان “بشكل قاطع استخدام السلطات السورية العنف القاتل ضد المحتجين المسالمين وإعاقة الوصول إلى العلاج وطالب “الحكومة السورية” بالإفراج الفوري عن “سجناء الرأي وعن الأشخاص المحتجزين بصورة تعسفية” وطالب المفوضية السامية لحقوق الإنسان بتشكيل “لجنة تقصٍ للحقائق تقدم تقريرها إلى مجلس حقوق الإنسان في اجتماعه القادم”، طبعاً لم تسمح سلطات النظام في سوريا لها بالدخول أبداً إلى الأراضي السورية، بعدها قرر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف بناءً على تقرير لجنة التحقيق الذي أقر “بارتكاب السلطات السورية وأفراد القوات العسكرية والأمنية انتهاكات جسيمة ومنهجية لحقوق الإنسان في أماكن مختلفة من الجمهورية العربية السورية منذ آذار/مارس 2011 وهي انتهاكات يمكن أن تشكل جرائم ضد الإنسانية” وبعدها قرر مجلس حقوق الإنسان تشكيل لجنة التحقيق الدولية المستقلة التي ما زال يرأسها البرازيلي بنييرو والتي أصدرت إلى اليوم ما يزيد على 12 تقريراً توثق فيها جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة في سوريا.
برغم كل ذلك لم يجد أي من قرارات مجلس الأمن خاصة الخاص بالانتقال السياسي 2254 أو تلك القرارات الخاصة بوضع حقوق الإنسان طريقها إلى التنفيذ في سوريا، إن ذلك يكشف حجم الفشل الأممي في سوريا ويتطلب من المبعوث الأممي أن يراجع حصيلة الأمم المتحدة وفشلها السياسي المطلق في سوريا، حيث إن استراتيجية النظام في تغيير الوقائع على الأرض عبر الإبادة والقتل المستمر حولت هذه القرارات إلى قرارات لا معنى لها، وربما تصبح سابقة في تحدي الدول لقرارات الأمم المتحدة لأنها لا تجد طريقها إلى التنفيذ.
وفي الوقت نفسه يمكننا مراجعة حجم الفساد الذي تكشف عنه الصحافة الاستقصائية بشكل يومي تقريباً عن تورط وكالات الأمم المتحدة في صفقات فساد مع شركات تابعة للنظام أو رجالات المخابرات السورية أو المنتفعين من النظام والذين اغتنوا على حساب فقر الشعب السوري وبؤسه، حيث منظمة الصحة العالمية ووكالة يونسيف للطفولة ووكالة الغذاء العالمية كلها تورطت بشكل مباشر أو غير مباشر في عمليات تبادل تجارية بحجة تسهيل عملها في مناطق النظام مما أجبرها على دفع ملايين الدولارات للنظام في سوريا الذي أساء استخدام وتوزيع هذه المعونات، كل ذلك لا يخفي أن هناك موظفين في هذه المؤسسة الدولية لعبوا دوراً في هذه الصفقات المشبوهة ولم يلعبوا دوراً نزيهاً في حماية الشعب السوري وتحقيق طموحاته، ولعل هناك الكثير من الأدلة والشهادات لهؤلاء المبعوثين الدوليين الذين كشفوا دور هذه الوكالات السلبي في سوريا.
اليوم يجب فتح تحقيق كامل عن دور وكالات الأمم المتحدة السلبي في سوريا من أجل إعادة فكرة الشفافية والنزاهة إلى هذه المؤسسة الدولية ودورها.